فكل المتطرفين داخل هذه المحافظة ملك شخصي للسلطان وعليهم فرض الأمر والطاعة له في التو والساعة, قبل معرفة من معه ومن ضده،ومن ادخره ومن باعه،وعلى حدود «باب الهوى» وقبل خطوة العدوان التركي في سورية فجأة انحسرت رياح المعركة بالمصالحة بين جيش أردوغان و«هيئة تحرير الشام» بفصيلها الأكبر «جبهة النصرة» وأسدل الستار بضرب العصا السحرية للسلطان العثماني، فتحولت فجأة «جبهة النصرة» وملحقاتها الى «الجيش الحر» وفرحت أنقرة لحسم معركة ذوي القربى بمبايعة أردوغان «وليا» على الكائنات الارهابية في ادلب..
ليس هو خفض للتوتر في منطقته الخامسة، كما حكمت آستنة.. بل هو تبنٍ أردوغاني للمسلحين في ادلب يحول المشروع الارهابي هناك من امارة للقاعدة الى امارة عثمانية يضغط فيها أردوغان بدرع الفرات على واشنطن واسنانها الكردية التي تعضه قبل أن يعض يد موسكو التي يبدو أنها أدركت النية الأردوغانية مسبقاً فقررت حصر الورقة الارهابية في آستنة بشخص أردوغان وتسهيل العملية السياسية والعسكرية بمعالجته وحده في أخطر معاقل القاعدة في المنطقة..
موسكو ترمي «الجوكر العثماني» في وجه واشنطن على أرض ادلب كاختبار للمواجهة الدولية التي خفت حدتها كثيراً بسحب البساط الارهابي من تحت البنتاغون واعطائه لأردوغان ليتبختر السلطان أمام الورقة الكردية وينزلق الاثنان ..
بدأ المشهد في ادلب قبل أن يحسم ميدان دير الزور والرقة ولعل في هذا نوع من الذكاء الروسي والسوري في تحفيز الكيدين التركي والكردي ضد بعضيهما لتقديم تنازلاتهما واحات سراب من الجزر الروسي والأميركي.
لم تفتح موسكو أبواب آستنة أمام أردوغان بقدر ما اغلقتها في وجه واشنطن وقلبت كل معادلات الأميركيين في سورية, بل أفشلت موسكو أيضا استراتيجية واشنطن في استعادة حلفاء الأمس من ملك سعودي جل احلامه اليوم توحيد المعارضة السورية التي نجر مقاعدها وبقيت فارغة في الهيئة العليا للمفاوضات، ومن سلطان عثماني همه ابعاد شبحه الكردي عن ناظريه من كردستان العراق الى «روج آفا».. وان تبختر أردوغان في ادلب بأن له جيش من الارهابيين يستطيع تحريكه على أهواء ميزان مصالحه السياسية ..ففرحة العثماني لم تكتمل،والغطاء الروسي في استانة بدأ قصفه للنصرة قبل أن يتمم أردوغان مراسم تعيينه وصياً للمتطرفين هناك,وقد تبقي له موسكو على خمسة معتدلين في حاشيته .. فهؤلاء فقط ارث الرئيس السابق باراك أوباما التي أقر بها من «الجيش الحر» وهؤلاء هم «الفانتازيا» التي وظفتها روسيا بشكل محترف لتبدأ معركة ادلب بمباركة غبية من أردوغان، واقصاء لتحالف واشنطن الذي وجد لإنقاذ ما تبقى من أوراق داعش والنصرة في سورية.
فعلتها روسيا واجلست السلطان على عرش الارهاب سجينا داخل شروط آستنة لتبدأ بضرب النصرة بعد أن وقع الرئيس التركي في المصيدة, وتمهد لدخول الجيش العربي السوري الى ادلب قادما من حسم المعركة في دير الزور والرقة ..فالجيش السوري لم يفاوض على شبر من ترابه وكما وصل الميادين كذلك سيغلق باب الهوى في ادلب في وجه السلطان العثماني فبأي آلاء الانجاز السياسي والعسكري لدمشق يا أردوغان.. تكذب؟!