ولكن يبدو ان هذا الدور قد تراجع في السنوات اللاحقة ومازال.. ولم تعد فروع المؤسسة بالمحافظات قادرة على المزاحمة في السوق المحلية,وتقديم السلع باسعار منافسة, وتسويق كامل منتجاتها, وتحقيق الريعية الاقتصادية المطلوبة .
وسنحاول في هذا الموضوع الحديث عن واقع العمل في فرع المؤسسة الاستهلاكية بدرعا- كمثال عن واقع العمل في اغلب فروع المؤسسة الاخرى بباقي المحافظات.
وذلك من خلال المعلومات التي لدينا والحوار الذي اجريناه مع مدير فرع الاستهلاكية بالمحافظة السيد عبد السلام قداح واخرين .
خدمات كبيرة
تقوم المؤسسة الاستهلاكية بدرعا بتوفير اغلب حاجات المواطنين من المواد الغذائية والالبسة والادوات المنزلية وغير ذلك وعرضها للبيع امام المستهلك عبر مراكزها ومجمعاتها الكبيرة المنتشرة في معظم مدن وقرى المحافظة والبالغ عددها 53 مركزا ومنفذا للبيع ويقول مدير فرع المؤسسسة بالمحافظة : ان هذه المراكز تقدم خدمات كبيرة ومهمة للمواطنين, حيث تؤمن لهم كل ما يحتاجونه في اماكن سكنهم دون اضطرارهم للذهاب الى مركز المحافظة والتسوق من محالها التجارية :
وتقوم كذلك بتوزيع المواد المقننة عليهم .كالسكر, والرز. واشار الى ان الدور الايجابي لهذه المراكز يبرز بشكل اوضح من خلال الخدمات والتسهيلات التي تقدمها لذوي الدخل المحدود .اذ ان صالات ومجمعات المؤسسة تبيع العاملين في الدولة الحاجات والبضائع بالتقسيط.
حيث بامكان العامل في الدولة ان يشتري مواد تصل اسعارها الى خمسين مليون ل.س يسددها على مدى 24 شهرا باقساط متساوية وغير مربكة. وهذا الاسلوب يساعد العديد من ذوي الدخل المحدود على قضاء حاجاتهم, وحل مشكلاتهم. وفوق هذا فإن هذه المراكز تطرح المواد والبضائع بأسعار مقبولة جدا وبمواصفات جيدة,وبعيدة عن التلاعب والغش .
تراجع الأداء
ولكن يبدو ان اداء المؤسسة في هذه المجالات التي تحدث عنها مدير فرع درعا قد تراجع في السنوات الاخيرة, ولم تعد المؤسسة الجهة الرئسية التي يعول عليها المستهلك في الحصول على متطلباته الاستهلاكية والمنزلية.
فالاسواق اصبحت بعد المتغيرات الاقتصادية التي حصلت في المنطقة مليئة بالمؤسسات والشركات التجارية التي تقوم ببيع السلع بأسعار منافسة, واقل من اسعار المؤسسة وبالتقسيط ايضا.
لقد خطفت المحال التجارية في مختلف مناطق المحافظة الاضواء من مراكز ومنافذ البيع التابعة للمؤسسة وشدت المستهلك اليها نظرا للمغريات التي تقدمها للمواطنين سواء بالاسعار, ام بطريقة البيع وجودة البضاعة وتنوعها.
حيث اصبح المواطن يحصل على اغلب الحاجات من محال القطاع الخاص بأسعار اقل من اسعار مثيلاتها لدى صالات ومجمعات المؤسسة, كما يمكنه شراء تلك الحاجات بالدين وهذا غير متوفر لدى المؤسسة. حيث لا تسمح التعليمات الناظمة لعمل المؤسسة ببيع البضاعة للمستهلك الموظف بالدين وقد دفع هذا التفاوت بالاسعار ما بين المؤسسة والقطاع الخاص , بالاضافة الى طرق البيع المتبعة في الصالات المواطنين للتوجه نحو محال القطاع الخاص والتسوق منها, والابتعاد عن منافذ البيع التابعة للمؤسسة الاستهلاكية, ما انعكس سلبا على حركة البيع في تلك المنافذ, وأدى بالتالي الى ركود حركة اصناف عديدة من المواد في مستودعات المؤسسة, والتأخير في تسويقها لدرجة ان بعض تلك المواد والبضائع فقدت .او تكاد ان تفقد صلاحيتها وهي مركونة في مراكز البيع.
وقد لجأ الباعة في صالات ومجمعات المؤسسة بدرعا مرات عديدة الى تحميل مواد على مواد اخرى , لتسويقها وبيعها للمستهلك, قبل ان تتعرض للفساد والتلف. او لنقل: قبل ان تنتهي صلاحيتها وغالبا ما تقع حالات تحميل المواد عند تسليم المواد المقننة, كالسكر والزر.
حيث يضطر المواطنون الى القبول بهذه الظاهرة للحصول على مخصصاتهم من المواد المقننة.ومن هذه المواد التي تتعرض للركود وصعوبة التصريف الصابون, والكبريت, والالبسة, ومواد الكونسروة المتنوعة وغير ذلك من المواد الاستهلاكية, ولعل الامر الآخر الذي يكشف لنا ضعف الاقبال على مراكز بيع المؤسسة بدرعا وعدم قدرتها على منافسة القطاع الخاص هو عدم تمكنها من تحقيق خططها التجارية في السنوات الاخيرة. ففي عام 2003 بلغت نسبة تنفيذ خطة المبيعات 92% حيث بلغت قيمة المبيعات 739و 285 مليون ل.س من اصل القيمة المخططة والبالغة 310 ملايين ل.س, ووصلت نسبة التنفيذ في المبيعات عام 2004 الى 87% فقط وتراجعت خلال الشهور الاربعة الاولى من هذا العام الى 61%.
ارتفاع الأسعار ?!
وفي الواقع.. فإن المؤسسة الاستهلاكية بدرعا وفي غيرها من المحافظات لم تعد قادرة على فرض نفسها في السوق ومنافسة القطاع الخاص في بيع وتسويق العديد من المواد ليس الغذائية فحسب, بل الالكترونية والكهربائية والآلبسة وغير ذلك فكلنا يعرف- على سبيل المثال- ان سعر جهاز التلفاز سيرونيكس بمختلف القياسات في المحال التجارية اقل من سعره لدى صالات المؤسسة وهكذا.. بالنسبة لكثير من المواد والحاجات الاخرى .
ويقول مدير فرع الاستهلاكية بدرعا: ان السبب الرئيسي الذي يجعل اسعار بعض المواد لدينا اعلى من اسعار مثيلاتها في السوق المحلية هو (الاستعلام الضريبي ورسم الطابع) المفروضين على الموردين الذين يتعاملون مع المؤسسة . حيث ان الزام الموردين بدفع الضرائب المستحقة على البضاعة التي يبيعونها للمؤسسة يدفعهم لرفع اسعارها اثناء بيعها للمؤسسة التي تقوم بدورها برفع اسعار تلك المواد والبضائع عند بيعها للمستهلكين, وبهذا تصبح اسعار هذه المواد أعلى من اسعار مثيلاتها لدى القطاع الخاض.
وذكر مدير فرع المؤسسة بدرعا بأن مشكلة الاستعلام الضريبي هي الهم الاكبر التي تواجه عمل المؤسسة وتضعف اقبال المستهلكين على المواد والبضائع التي تطرحها للبيع مراكزها ومنافذها وتؤدي بالتالي الى ركود بعض البضائع وعدم القدرة على تصريفها.
خسائر في بعض المراكز
ومن القضايا الاخرى التي يعانيها فرع المؤسسة بدرعا هي تعرض بعض مراكزها للخسائر المادية السنوية. إما بسبب انخفاض مبيعات تلك المنافذ, او بسبب عدم وجود عمال مبيعات فيها. مثل مراكز:
الجيزة- عضم- صيدا- سحم الجولان- المتاعية - وصماد وغيرها من المراكز.
واكد السيد عبد الله الاحمد من دائرة التخطيط في فرع مؤسسة درعا بأن معدل الخسارة السنوية لهذه المراكز بلغت في العام الماضي نحو 1,5 مليون ل.س , وقد تعرضت هذه المراكز لخسارات مماثلة في سنوات سابقة .
وقال مدير فرع المؤسسة : بأن ادارة الفرع قد تقدمت بمقترح للادارة العامة للمؤسسة الاستهلاكية, لإغلاق المنافذ التي تكررت خسارتها, ولا توجد امكانية لنقلها الى مراكز رابحة وعندما حاولنا الاستفسار عن ميزان الربح والخسارة في فرع المؤسسة بدرعا فوجئنا من الادارة بعدم معرفتها لهذا الموضوع وفيما اذا كان الفرع رابحا خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة, ام لا .
بدعوى ان الارقام الختامية لميزانيات اعوام 2002- 2003 -2004 لم تعرف بعد, وان آخر ميزانية صدرت للفرع هي ميزانية عام 2001 ونحن نستغرب هذا التأخير في حساب الميزانيات السنوية وكيف تسير امور فرع مؤسسة درعا اذا كانت الادارة لا تعرف واقع ميزان الربح والخسارة السنوي للفرع? وعلى أي حال يبقى هذا الامر احد المؤشرات التي تدل على ترهل العمل وسلبية الادارة في مؤسسة درعا !!
ومن الاشياء الاخرى التي ساهمت وتساهم في ضعف الاقبال على منافذ البيع الاستهلاكية وتوجه الزبائن الى محال القطاع الخاص نظام العمل في المؤسسة .ففي حين يتمتع القطاع الخاص بالمرونة في تعامله مع المستهلك من حيث صلاحيته بتخفيض الاسعار احيانا, وايصال البضاعة الى منازل المتسوقين والبيع على مدى 24 ساعة, فإن منافذ وصالات الاستهلاكية تلتزم بأسعار محددة,وبدوام معين من الساعة الثامنة صباحا الى السادسة عشرة مساء. وغير ملزمة بنقل بضاعة المشتري لمنزله.
ويضاف الى ذلك سوء عرض المواد والبضائع امام الزبائن والتعامل معهم بطريقة غير لبقة احيانا.
حيث ان اغلب الباعة في صالات ومنافذ البيع الحكومية لا يهمهم كثيرا كسب الزبائن ودفعهم للشراء .
كما ان العديد من مراكز البيع تفتقر الى اليد العاملة /عامل عتالة- عامل تنظيفات/ وهي تعمل بشخص واحد مسؤول عن كل شيء , ما يربك العمل ويخلق الفوضى خاصة في ايام توزيع المواد المقننة .
وخلاصة الحديث هي ان مراكز البيع الحكومية تعاني من ضعف اقبال المواطنين عليها بسبب ارتفاع اسعار اغلب المواد فيها وهي عاجزة عن منافسة القطاع الخاص في مجال البيع والتسويق لاسباب متعددة ذكرنا الكثير منها آنفا والمطلوب اعادة النظر في عملها وأنظمة البيع والشراء فيها بما يفعل دورها الاقتصادي والاجتماعي ويجعل منها منافسا قويا في السوق, او على الاقل شريكا للقطاع الخاص في المزاحمة وكسب ثقة المستهلك, وتحقيق الريعية الاقتصادية المنشودة بدلا من الخسائر التي تتكبدها بعض المنافذ في كل عام, واعتقد بأن الوصول لهذه الغايات يتطلب معالجة معوقات المؤسسة وأولها الاستعلام الضريبي ونظام البيع والشراء,والعمل على توفير عمال العتالة في المراكز وتحسين اساليب الدعاية والترويج للبضائع والمواد.