تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هند هارون... فقــدت وحيدهـــا فتبنــت الوطــن قصيــدة

ثقافـــــــة
السبت 3-9-2011
هفاف ميهوب

عندما بدأت بكتابة الشعر، لم تكن تدري بأن أولى قصائدها ستكون معمدة بالقهر والدمع والوجع، وعلى أحب الناس إلى قلبها، وحيدها عمار،

الذي جعل مفرداتها مشوبة بإحساس الأمومة... والإحساس الأشد صدقاً وتأثيراً على ديوانها الأول، بل واستحقاقاً لإهداء قالت فيه:‏

إليك يا وحيدي عمار‏

وقد تألقت في ذاتي أمومة خالدة‏

وشعشعت في قلبي حياة متجددة‏

وفجرت في قلبي ينابيع العطاء‏

قالت هذا، ثم ملأت صفحات ديوانها بمعاناة، أمٍِ لاتملك من سبل التعبير عن نزيفها سوى تلك القصائد التي جددت حزناً كان قد رافق طفولتها، ومنذ فقدت والدها الذي ترك موته في نفسها صورة لحياةٍ قائمة لا أثر للفرح فيها.‏

ولا تكتفي، لنجدها تصدر ديواناً آخر هو (ديوان عمار) الذي عبرت في قصائده عن ألم الفاجعة بفقد ابن كان بالنسبة لها، الحياة والوجود معاً.‏

وأعود يا عمار يا ولدي‏

للغرفة الحيرى بلا سند‏

وأسائل الجدران، تسألني‏

والصمت يسأل عنك، ياكبدي‏

ولدت الشاعرة (هند هارون) 1928 في مدينة اللاذقية التي ما إن حازت فيها شهادة التعليم الإعدادي، حتى عملت في حقل التدريس ومن ثم كمديرة لإحدى المدارس الثانوية.‏

كتبت الشعر ونشرت قصائدها في عدد من الصحف والمجلات اليومية... أيضاً حصلت على الدكتوراة الفخرية من الاتحاد العالمي للمؤلفين، وترجمت بعض قصائدها إلى اللغة الفرنسية والانكليزية والبلغارية والألمانية.‏

أما عن أجمل قصائدها، فكانت للأم والطفولة والوطن، وبفلسفةٍ تربت عليها فسطرتها شعراً فيه دعوة صادقة للتعلق بالجذور والتمسك بها كفضيلةٍ وأخلاق علمتها لطالباتها، ربما جعل ديوانها (حارسة المعبد) يحوي من الحماسة الوطنية مايلهب القرائح للكتابة عن الأرض والشهيد والوحدة والإنسان، وبعواطف هي قيم جسدتها في قصيدتها (عودة تشرين) قائلة:‏

إيه تشرين...‏

وقد أوقدت في صدري لهيبه‏

بت في قلبي ربيعاً‏

تنشر الدنيا طيوبه‏

فيك تشرين استعدنا..‏

عزة كانت سليبة‏

ورفعنا في الذرا الشماء رايات العروبة‏

أيضاً في الديوان، قصيدتان سمتهما الشاعرة (ملحمتين) بعد أن أطلقت عليهما (عوالم جديدة)، عوالم تقيدت في سبيل وصفها بالخيال الخصب والنفس الملحمي.‏

شاركت (هارون) في الكثير من مهرجانات الشعر، وبما جعلها تطلق (من وحي المهرجان) القصيدة التي استمدت مفرداتها من أرض المجد والصمود والأبطال الشجعان‏

ياديار الوحي... هذي جنتي‏

في بلاد العرب... في الربع السعيد‏

يابلادي واستفاق المجد في‏

هضبة الجولان... من بعد الخمود‏

نصف قرن وهو يبني للعلا‏

أمة... تعتد بالنشئ الرشيد‏

هذه هي الشاعرة (هند هارون) التي كان رحيلها في 12/2/1995 والتي كانت وريثة الخنساء في حزنها ورثائها مثلما وريثة المجد في قصائدٍ كتبتها للوطن، وبفلسفة أمٍ هي الأرض المعطاء.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية