وتذهب صرخته بشهقته الأولى التي سيخفيها إلى أن تنسل روحه منه كالشعرة من العجين، دون أن يسأله عنها أحدٌ ويبقى الطفل مدهوشا من دهشة أهله لسعادته بلا أقمطته.
وتنقسم الأقمطة إلى أنواع: أهمها ما تجبر على ارتدائه وما تدعي أنك حر بارتدائه
والبقية انزياحات سريالية لاتجد لها صدى على أرض الواقع كأحلام اليقظة، مفردة غير قابلة للمشاركة إلا عن طريق البوح، كفعل واقعي، مجازه: قماط الكتابة- وهو من باب إذا ابتليتم بالحريات، فالرقيب ساترها- ويلي ذلك ولا يتثلث: مشاركة القارئ رغم حرية ظنونه، يبدأها: إذا جاءكم كاتب بكتاب، فتبينوا؟!.
وقريبا من زرقة الكتابة، تقمطك المدرسة بمناهجها، فتتخرج بعد أن نلت الشهادات المتتالية كعلبة كونسروة – انظر تاريخ الصلاحية في أسفل العلبة، فلا تجده- أو تزل قدمك مبكراً؛ لتدخل غبار سباق الحياة بدلا من مضمارها، مردداً مقولة رامبو « من العار أن نبلي سراويلنا على مقاعد الدراسة» وتضحك عندما يبليها لك بكل أريحية الزحف على طرقات الحياة، كونك من الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من السراب وتتساءل دوماً؛ لماذا لا يعبدوا الطرقات؟ كون من يسلكوها وهم كثر على الجانب الأيمن قد أعمتْ بصائرهم الدواليب المطاطية التي تسلك الجانب الأيسر التي اجتهد في جرح أشجارها، سود البشرة، بعدما جرحهم بيض البشرة، وتسعد بالقسمة العادلة للجراح بعدما تقاسمتها مع سود البشرة ولا تدهشك ولا تفرحك ولا تحزنك انتشار هكذا أقمطة، فهي من المقسوم الذي ليس مردودا بل تجعلك «أبله» كالمانيكان، فساعة ترتدي أقمطة الاستعمار ثم تخلعها بأيدي الثورة، فتلبسك الثورة المضادة في ساعة تالية، القماط الخاكي لتصبح رقماً في بيروقراطية اللون الواحد، حامداً قدرك أنك لست في قطيع دعاية عن المالبورو وبما أن جسمك «لبيس» لاينساك أصحاب الإيديولوجيات من الشمال للجنوب ومن الغرب للشرق، فيعدون لك تشكيلة لدنياك وأخرى لآخرتك وضمنا تشكيلة شبابية لطموحك الذي سيصب بجيوبهم ورجولتك التي ستشيد قصورهم وشيخوختك التي تقدم بها نصيحة لهم ولك ومن هم أشباهك: اللباس فان والجلد باق.
وكون الأقمطة على طبقات -لا دخل لماركس هنا- ترتدي بداية شغاف القلب وأنت وزوجك كونكما من صلصال واحد والطيور على أشكالها تقع، فتدخل من الباب على أسرة أنت هبلها وبما أن لباس التكلفة يأتي لاحقاً على الثياب الداخلية وحساب العاطفة ليس كحساب العقل، تقطع من قماطك رقعاً وتلبسها أهلك من زوجة وأولاد، ويحدث أن تهجس زوجك بجدوى كومة الخروق التي نسجتها أنتَ وهي على نول الأمل، فتشق قماط الحيط، الحيط وتضع الحق على العولمة التي ألبست الكرة الأرضية لباس التلوث والسوق العابرة للأرواح والأجساد وتلتقط الريموت كونترول وتبدل شاشات القماط من شريط أسفل الخصر إلى الخصر ذاته إلى دعاء الكروان وتلكز زوجك الشاكة بكل الآفلين أن تشكر خياط الحارة الذي لم تصله بعد موضة الضمادات الموشحة بدانتيلا الدم آخر صرعات العولمة رغم أن خيوط هذه الصرعة من منشأ إقليمي وتستغرب لماذا نصدر ثرواتنا خاماً؟.
فتذهب لفراشك لتحلم حلما وحيدا، أنك عار- طبعا ليس قرب زوجتك التي تتملص منها كما الطفل من واجباته المدرسية متحججاً بكل أنواع الأعذار الأقبح من ذنب ومن ثم تنكس رأسك بعدما تخبرك زوجتكَ: إنها لا تريد إلا أن ترتق تلك الجروح –
وسبعة مليارات نسمة وزيادة، تشير لعريك، فتصرخ بوجههم لتذهب أقمطتكم للجحيم.
هذا قماط الحرية: من منكم بلا قماط....؟!
......................................................
.........................................
هنا أخلع قماط المخاطب، وألبس قماط الأنا، وأتوقف عن الكتابة.
Bassem-sso@windowslive.com