تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من إيقاظ الفتنة إلى استيقاظ الوجدان

شؤون سياسية
السبت 3-9-2011
يستقطب الحدث الجاري في سورية وعليها أنماطاً وأدوات مختلفة عن تلك التي اعتاد محتجزو الرأي العام عن استخدامه في الأحداث الهامة بصورة سطحية وبأداء عابر يلبي حاجات اللحظة ويخلف وراءه ركام الأسئلة

والأجوبة وشظايا التوصيف والتأليف المفتعل ، ومن طبيعة الحدث بما فيها من عمق وشمولية نستمد مشروعية الآليات والأساليب اللازمة في التحليل وصولاً إلى الحل، ولعل المقدمة الكبرى الضاغطة الآن هي متوزعة في إشكاليتين صعبتين، الأولى منهما هي كيف لم تتوطد قناعة راسخة في الداخل السوري لدى البعض بأن كل مايجري هو تآمر مقصود ومرصود منظم ومسلح وتقوده دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وتموله دول عربية وغير عربية صغرى في موقفها عبر الأفق المحيط بسورية .‏

كيف يمكن تجاهل كل هذا الضخ السياسي والإعلامي لهذه الدول وعلى أعلى المستويات وقد كان من المستقرات الكبرى في الذهن الشعبي العربي أن كل ماتدعمه قوى الغرب الأميركي والأوروبي هو موضع تهمة وشك لأن الغرب لايتبنى باتجاهنا سوى الكره للعرب والحقد على الإسلام والمسلمين، ولقد عمق هذه الفكرة بكثير من البساطة والبلورة الرئيس بشار الأسد في كلمته أمام علماء الدين الإسلامي مؤكداً أن مايحدث اليوم هو قديم متجدد وماكان بمقدور الغرب منذ الحروب الصليبية أن يحمل مشاعر صادقة ونظرات عادلة نحو العرب والمسلمين ، وكانت قصة احترام العرب قائمة في مدى احترام العرب والمسلمين لأنفسهم وفيما عدا ذلك فقد كانت النظرات والنظريات الغربية مسمومة المحتوى إرهابية الشكل والأسلوب وكل مافيها ينز منه الطمع والاحتقار وتصدير الأكاذيب وتزوير الحقائق وتشويه المضامين الحضارية الإنسانية للعرب والمسلمين ، كان ذلك خطاً ثابتاً نتأكد من خلاله بأن كل ماترعاه أميركا وتدعمه أوروبا هو خطر قائم أو قادم ويكفي الاستدلال على منطق مايحدث في سورية هذا البعد بالذات والذي دخل منطقة الوقاحة والجلافة عبر الانتقال الغربي من المباح إلى المستباح ومن الرعاية السياسية والمادية إلى التسليح والتداخل المباشر مع مجموعات وعصابات لها دور واحد هو أن تهيئ المناخ في سورية لحال من الاقتتال واستنهاض الطائفية وسفك الدم الحرام وتعطيل طاقة الإنسان وتدمير مؤسسات الدولة وكان المال والسلاح وتكريس الأحقاد الذاتية هو الوسيلة لتغذية هذه المجموعات من الداخل السوري، وكان من الطبيعي أن يفطن كل مواطن عاقل إلى عمق هذه الشبهة الغربية وأن يكتشف بصورة مباشرة وقاطعة أنه ليس مجرد أداة رخيصة ومفرغة يطلقها الغرب في مساحة الاقتتال وتدمير المؤسسات وتقطيع الأوصال وتشويه الجثث، والنسق المطلبي لايمت بصلة إلى هذه المجموعات، والتظاهر المشروع هو حق للناس وهو في العمق وسيلة للصدام مع المشروع الغربي وليس وسيلة للانسجام معه أو تلبية حاجاته النهمة في التدمير واختطاف هوية الوطن وذاكرته .‏

إنه أمر مؤلم أن يندمج البعض دون تبصر بالمصادر وبالنتائج في المشروع المعادي على هذا النحو من الجهل أو الاندماج المقصود ، وعلى هذا المستوى من استغلال الدين الإسلامي الحنيف، دين السلام والوحدة ، دين الوعي والفقه الذي يصل إلى عمق الأحداث ويعرف كيف يعزل بين الانتماء للغريب والتصدي لمواقع الخلل وثغرات الضعف في الداخل الوطني، وهنا يكمن البعد الثاني من الإشكاليتين وهو القائم على قاعدة أن يتحول البعض إلى خدم وحشم بتسميات مختلفة وبمواقع مختلفة للمشروع الغربي وبالأحرى للمؤامرة الغربية الصهيونية القائمة على سورية الآن ، ومن الواضح أن هناك أربعة اتجاهات مدمرة يراد لها أن تستوطن في حياتنا الوطنية ، وأن تستقر في المفاصل الاجتماعية والسياسية إلى زمن قادم متطاول .‏

أول هذه الاتجاهات هو نشر خيار الموت والقتل وسفك الدم واستقطاب الانفعالات والمنفعلين لإنجاز هذا الخيار الدموي بدون تفكير وبدون مبرر فالمهم هو أن تعمم نزعة الاقتتال ويصبح الوطن مجموعات تتصارع ويأكل بعضها البعض ويستدرج الموت فيها أحقاداً جديدة لموت جديد قادم من الغرب وعندها يتغلغل الظلام إلى ذاكرة الوطن وهويته، وهذا هو المقصود أن تتبدل سورية فتصبح وطن الاقتتال والأحقاد بينما هي مؤهلة على مدى التاريخ لتكون موئل الخير وموعد الحضارة وقاعدة القيم الإنسانية وبيئة العدل والكرامة والإخاء ، وفي الاتجاه الثاني تتحرك كل الدلائل والممارسات لنسف البناء الوحدوي العضوي واستنفار الطائفية والمذهبية والعشائرية والمناطقية وتخويل كل هذه الاتجاهات بتنفيذ مهام الذبح المادي والمعنوي على الهوية، وأما الاتجاه الثالث فهو القائم بتعطيل مسيرة الحياة واستنزاف طاقة الدولة وتخريب المؤسسات الاقتصادية فذلك باعتقادهم سوف يربك الدولة ويجبر قوة المقاومة للمؤامرة على الانكفاء والخضوع ، وأما الاتجاه الرابع فإنهم يتطلعون من خلاله إلى انتاج جيل بل أجيال لا تجيد سوى اطلاق النار دون تمييز ولاتجد ذاتها إلا في التدمير والتخريب وتكريس ثقافة العداء للدولة ومؤسساتها ، ذلك واضح تماماً ولكن الأكثر رسوخاً ووضوحاً منه هو قيمة هذا الوطن وتاريخ هذا الشعب والقدرة على التمييز وحسم المعركة بأخلاقيات عالية .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية