تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حـــــين تكـــــون العـــــلاقات العــــــاطفية فــــــاشلة

مجتــمـــــع
السبت 3-9-2011
من أبرز الظواهر الاجتماعية السلبية الفشل المتكرر للعلاقات العاطفية بين الشاب والفتاة، ومع مشاهدتنا واستماعنا للكثير من الحالات وصل عقلنا إلى حد اليقين أن هذا الفشل مرتبط بظاهرة مكتملة وتفعل فعلها بهذه الشريحة العمرية وتدفعهم للابتعاد عن بناء علاقات إنسانية مثمرة .

ونتساءل هنا لماذا هذا الفشل ؟ هل هو وليد الصدفة أم أن هناك عوائق موضوعية تجعل من الصعب على شباب اليوم بناء علاقة إنسانية صحيحة تؤدي إلى الزواج وبناء الأسرة ؟‏

وللإجابة على هذه التساؤلات فإننا بالتأكيد نقر بوجود عوائق موضوعية وأهمها العائق الاقتصادي الذي يمنع الشاب من الوصول إلى مبتغاه في سنوات شبابه الأولى ، وحتى لو تجاوزنا هذا العائق لندخل إلى عمق العلاقات الفاشلة فإننا سنجد بالتأكيد أن هناك عوامل داخلية تفعل فعلها وتجعل من الصعوبة بمكان بناء علاقة ناجحة .‏

دوامة الفشل‏

وقبل الإشارة إلى الحالات التي سنسلط الضوء عليها في سياق هذا العرض لا بد من تحديد بعض معالم الخريطة الاجتماعية للعلاقة العاطفية التي تجري بين الشاب والفتاة فغالبا ما تنشأ هذه العلاقة في الأماكن التي يسمح بها المجتمع في الاختلاط كالجامعات وأماكن العمل وغالبا ما يلجأ أحد الطرفين لاستشارة صديق ( ينتمي لمدرسة الفشل ويريد أن يعمم تجربته ) وغالبا ما تكون نصائحه مدمرة . هذا إذا ما تدخل في العلاقة وحاول الاستحواذ عليها سواء كان شابا أو فتاة فتلجأ الصديقة أو الصديق إلى سرقة (الحبيب المفترض) بعد أن تصل العلاقة الأولى إلى نهاياتها الفاشلة ، فالأصدقاء هنا ليسوا مصدر إثراء لهذه العلاقة وعلى الأغلب فإنهم جزء من عملية الإسراع في فشل العلاقة العاطفية ،(أنيس ) أحد أبطال العلاقات الفاشلة والمتكررة وغالبا تحضر فتاة جديدة أي بمعنى يتغير الاسم ولكن مضمون العلاقة هو ذات المضمون والنتيجة وغالبا ما يلجأ أنيس إلى اتهام الطرف الآخر بأنه السبب الأساسي في فشل تلك العلاقات المتكررة . أما سؤالنا عن الأسباب التي يقدمها لفشل تلك العلاقات فغالبا ما يتذرع بأن هناك في الأمر خيانة، فالشك وبناء الفرضيات المسبقة عن الفتاة ومحاولة الاستحواذ وإقامة علاقة سلطوية بامتياز كل هذه الأسباب مجتمعة تدفع بنهايات فاشلة لعلاقات أنيس والكثير من الأشخاص مع العلم أنه يبلغ الأربعين من العمر وظروفه الاقتصادية ممتازة.(ربيع –موظف) مسكون بالهواجس والمخاوف التي تجعله غير قادر على حسم علاقته العاطفية مع رشا ، وكل ما اعتقدنا أن علاقتهم انتهت وانفصلا عن بعضهم البعض يعودون من جديد ويبدؤون مشوار الفشل لغياب سلطة اتخاذ القرار لدى ربيع والعوامل التي تقف أمام عدم اتخاذ القرار هو الإحساس بالضعف المفرط لدى ربيع أمام رشا وعدم قدرته على استيعابها ، فإمكانياتها الفكرية والمادية والمهنية المتاحة لديها أكبر مما لدى ربيع ، والشعور العام أن علاقتهما ببعضهما البعض هي علاقة قدرية أزلية لا تتخطى حدود هذا المستوى من العلاقة ما بين مد وجزر وعود على بدء .‏

(سارة-مهندسة) وتقيم علاقة عاطفية مع ابن مدينتها سليم ويعيشون في دمشق لأسباب تتعلق بعملهم . ومع أن العلاقة مستمرة منذ أكثر من خمس سنوات إلا أن هذه العلاقة لم تتطور ولم تبلغ منتهاها مع الإشارة هنا إلى أن سارة وسليم من وقت إلى آخر يشرعون أبوابهم لعلاقات جانبية انتظارا منهم بأن هذه العلاقات ستخرجهم من مأزق علاقتهم العاطفية وكلاهما يجدان الأعذار والمبررات والمشروعية لعلاقاتهم العاطفية الجانبية . أما العائق الأساسي الذي يحول دون ترجمة هذه العلاقة إلى فعل زواج على حد قول سارة هو اختلاف الدين مع العلم أن هذا العامل موجود منذ بداية العلاقة ، ولا تجرؤ على الانسلاخ من واقعها المجتمعي وفي الوقت ذاته فإن سليم أيضا لم يتخذ خطوات عملية تسمح باستيعاب عملية الانسلاخ تلك وكلاهما ينتظران المجهول لكي يظهّر هذه العلاقة أمام الناس وتأخذ مشروعيتها .‏

(سوزان –صحافية) مشكلتها منذ البداية تتلخص بأنها أقامت علاقة عاطفية مع شخص لم يكمل تعليمه المدرسي ، وهي صحافية ناجحة وتمتلك قدرات أعلى من قدراته . هذه الإمكانيات جعلتها في صدام دائم معه بحيث يحاول مرات عديدة وقف مسيرتها المهنية والاعتراض على عملها ومحاولة منعها من السفر لحضور ندوات ومؤتمرات ودورات إعلامية، وهذه العلاقة منذ البداية تتصف بعدم التكافؤ الفكري والمادي، وبالتالي فإن حتمية الصدام الدائم هو المسار الطبيعي لهذه العلاقة مع العلم أن سوزان ما تزال إلى اليوم تعتقد بأن هذه العلاقة مصيرها أن يتكلل بالنجاح .‏

العلاقات الافتراضية‏

ظاهرة جديدة من العلاقات العاطفية التي تبنى من خلال التقنية الحديثة والتي تعرف بالانترنت ومن خلال (الشات) ما بين الشباب والفتيات وغالبا ما تكون هذه العلاقات مصيرها الفشل لأسباب عديدة أهمها أن من يقيمون تلك العلاقات هم بالأصل يلجؤون لاستخدام هذه الوسيلة بعد أن فشلوا بإقامة علاقة عاطفية في محيطهم الاجتماعي فيلجؤون إلى الواقع الافتراضي (الانترنت) لبناء علاقات عاطفية تقوم منذ البداية على عدم قول الحقيقة وعدم المصارحة، وعندما يلتقي الشخصان لقاء حقيقياً تتكشف لهما أبعاد شخصيتهما أمام بعضهما البعض وسرعان ما يكتشفون أن العلاقة عبر الواقع الافتراضي كانت أجمل بكثير ما هو عليه أثناء اللقاء ،‏

في نهاية الأمر، ما يهمنا هنا هو أن العلاقات هي علاقات إنسانية بالدرجة الأولى ولا يمكن لها أن تتم عن بعد فالكتابة والكلام هما جزء من العلاقة العاطفية ولا يختصران الكل وهو العيش في بيئة اجتماعية واحدة والتواصل الفعلي والحقيقي هو الذي يحسم في النهاية مصير أي علاقة عاطفية .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية