تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أين الإعلام الغربي من هويتنا العربية..؟

مجتــمـــــع
السبت 3-9-2011
وصال سلوم

تتعرض الهوية العربية الإسلامية منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا إلى أبشع أنواع الغزو والتحريض من قبل وسائل الإعلام الغربية. والتي دأبت على تشويه الصورة الثقافية للعالم العربي والإسلامي أمام الرأي العام في بلدانها.

وقد سخرت كل الوسائل والتقنيات لتزييف الحقائق وفبركتها، لتوهم الأذهان الغربية وتزرع فيها صورآً مشوهة عن الثقافة العربية بغية تكريس مشاعر الكراهية والخوف وإقصاء أي فكر منطقي ومؤيد لتبيان الحقيقة المخالفة لمنطق التطرف والكراهية المقيتة.‏

وحرضت وسائل إعلام غربية ولا سيما الأميركية منها على العرب والإسلام والمسلمين ووصفهم دائما "بالإرهابيين"، وخرجت على الرأي العام في بلدانها في الأعوام الماضية بعناوين إعلامية مثيرة للجدل مثل: «القنبلة الإسلامية قادمة»، «الحرب الإسلامية على الحداثة»، «الحروب الصليبية ما زالت مستمرة»، و«الهلال الجديد في أزمة». ويقول الخبراء إن هذه العناوين جذبت الاهتمام، وشوّهت الحقائق عن العالم الإسلامي وعلاقاته المتنوعة مع الغرب، من جهة، ومن جهة أخرى، رسخت تلك العناوين مستوى الجهل المذهل بالإسلام والمسلمين. لدرجة أن غالبية المجتمعات الغربية تمتلك صورة واحدة بديهية عن المسلمين وهي أنهم بدو يسكنون الصحراء لا يمتون إلى الحضارة بصلة. لديهم نفط ومال ولا يحترمون المرأة، وأنهم انفعاليون، يخضعون تصرفاتهم للمنطق الغيبي ولايحبون إخضاع تصرفاتهم لمنطق العقل.‏

رؤية الغرب للعرب بهذه الطريقة لم تكن وليدة اللحظة، بل هي تنم عن صراع حضاري له جذوره التاريخية وأبعاده الموضوعية التي تتشابك فيها القيم مع المصالح الاستراتيجية للأمم. ولكن بعد أن استحوذت الامبريالية العالمية على مقدرات العالم في العصر الحديث وبعد أن انتفت القطبية الثنائية بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية التي أخذت تستعدي العرب والإسلام ووضعهم في خانة العدو الاستراتيجي لها. فلم لا ، وهو الذي طالما أّرّق العالم الغربي منذ ظهوره، حيث ذكر الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون في كتابه «اقبض على اللحظة»، من أن الإسلام قوة هائلة، وأن تزايد عدد سكانه والقوة المالية التي يتمتع بها تشكلان تحديا رئيسيا للغرب، وأن الغرب مضطر إلى تشكيل حلف جديد مع موسكو، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لمواجهة عالم إسلامي معاد ومعتد، فالإسلام والغرب، حسب تصوره، متناقضان ومتباينان، وورد في هذا الكتاب أن المسلمين ينظرون إلى العالم على أنه منقسم إلى معسكرين، لا يمكن التوفيق بينهما: معسكر أو دار الإسلام، ودار الحرب، وأكد نيكسون في هذا الكتاب ضرورة أن يستعد الغرب للمواجهة الحاسمة مع العالم الإسلامي، الذي يُشكل واحدا من أعظم التحديات السياسية الخارجية للولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين.‏

لقد تشكلت في الأعوام الأخيرة في الكثير من الدول الغربية تيارات متطرفة هدفها الأساسي تشويه الحقيقة الإسلامية والعربية من زاوية المعتقد والثقافة ، لكن يبقى هذا عمل تيارات محددة، وليس توجهاً لعموم المجتمع الغربي إزاء العرب والمسلمين. ومن الأرجح أن يكون لهذا التيار تأثير أكبر من حجمه الحقيقي في الحياة الغربية، لأسباب ربما تعود إلى تقصيرنا نحن، لكنه يبقى جزء من الغرب لا يمثل الأغلبية وليس كلا، ويبقى أن نتساءل عن أسباب تشكل هذه التيارات، وعن دورنا في طريقة التعامل معها؟‏

التشويه المتعمد لصورة العربي والمسلم في الإعلام الغربي، تقوم به آلة إعلامية متخصصة بالعقول المعادية للعروبة والإسلام، وذلك لأسباب كثيرة ومتعددة، منها ما هو سياسي عنصري، ومنها ما يعمل بمنطق الثأر التاريخي . لكن هذا ليس مبرراً لان نهرب إلى الأمام وألا نقف أمام مسؤولياتنا بجدية تجاه إنقاذ عقيدتنا وهويتنا الثقافية من خطر التشويه والتزييف. وينبغي أن يقوم العرب والمسلمون أنفسهم بحملات مضادةٍ لمحو التشويه عبر وسائل الإعلام العربية والغربية على السواء، ولا بد من حملات مضادة لمحو هذا التشويه عن عقيدتنا وتقاليدنا وقيمنا العربية الأصيلة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية