تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مريض السكري وإلحاح السؤال

محليات
السبت 3-9-2011
يحيى موسى الشهابي

من المألوف والشائع أن تشهد أعيادنا ألواناً كثيرة من الأطعمة التي قد لا نصادفها في الأيام العادية من السنة، بيد أن لعيد الفطر ميزة تختلف عن غيره من الأعياد تتميز بالمبالغة الشديدة في محتويات مواده الطعامية من السكريات «حلويات ونشويات»

والبروتينات «لحوم، دسم، دهون» وخصوصاً الحلويات المصنعة والحاوية على نسبة عالية من السمن الحيواني والمهدرج «النباتي» وهذه الأطعمة تشكل خطورة فيما لو تم الإفراط بتناولها على الشخص العادي فما بالك بالشخص السكري «مريض سكري» الذي قد يضطر المريض إلى تناولها وفق سلوكياتنا الاجتماعية المتمركزة على الإلحاح وقوة الإغراء من قبل المضيف ماقد تسبب للضيف ارتفاعاً سريعاً لسكر دمه خلال بضع دقائق وفقدان السيطرة على مستويات سكر دمه لأيام متتالية.‏

الدكتور عزمي فريد من البرنامج الوطني السكري دائرة التأهيل والتدريب حدثنا عما يتعرض له مريض السكري في فترة الأعياد قائلاً: ما من مريض سكري إلا ويعاني من عواقب ارتفاع سكر دمه خلال أيام العيد ويصبح أمام خيارين: إما الاستسلام أمام المغريات والسلوكيات الاجتماعية التي ظاهرها الكرم ومظهرها التعبير عن الفرح بواسطة فرط تناول الطعام وحقيقتها الخطورة الكبيرة على الصحة وإما الاعتزال عن الناس والشعور بالوحدة والاكتئاب وكلتا النتيجتين غير مرغوب بهما.‏

ويضيف د. عزمي قائلاً: أما بما يتعلق بالإفراط في تناول اللحوم والبروتينات فقد ساد الاعتقاد بأنها لا ترفع سكر الدم لأنها لا تحتوي على مواد سكرية أو نشوية وهذا صحيح لحد ما.‏

إلا أن ارتفاع تركيز الحموض الأمينية البروتينية في مصل الدم الناتج عن تناول اللحوم بكثرة سوف يؤثر في الأيام التالية على قدرة الكبد على اختزان سكر الدم في نسيجه على شكل غليكوجين، وبالتالي يبقى سكر الغلوكوز متراكماً في مصل الدم ومتظاهراً بارتفاع غير واضح السبب.‏

خطورة أكبر‏

أما فيما يتعلق بالخطر الأكبر الناتج عن الدهون الحيوانية والأسمان التي تدخل في صنع الطعام والحلويات بتراكيز عالية فإن تأثيرها في رفع مستويات شحوم الدم الثلاثية والكوليسترول الضار /LDL/ في الدم وما يحمله هذا الأمر من خطورة على القلب والأوعية الدموية صار معروفاً للجميع.‏

بيد أن هناك سيئة أخرى وخطورة أكبر وهي أن هذا الارتفاع في الكوليسترول وشحوم الدم سيسبب زيادة ظاهرة «المقاومة على الأنسولين» فتزداد حاجة الجسم للأنسولين ما ينتج عنه ارتفاع إضافي لسكر الدم وعدم استجابة هذا الارتفاع للجرعات اليومية التقليدية من الدواء الخافض لسكر الدم الذي وضعه الطبيب وتستمر هذه الظاهرة المبهمة بالنسبة للمريض أياماً طويلة تتصف بالشعور بالتعب والإنهاك وارتفاع سكر الدم «المعند».‏

فعال وموجه‏

ويتساءل الدكتور عزمي فريد هل يجب على مريض السكري أن يكون أمام الخيارين الصعبين؟ إما الانعزال عن الناس وإما الإفراط في الطعام وما يترافق ذلك مع مشكلات صحية له فتكون الإجابة عن هذا السؤال إلا أنه على المريض ألا ينعزل عن الناس ومن حقه مشاركة الآخرين بالأعياد والمناسبات السعيدة وعليه أن يكون فاعلاً وفعالاً ضمن أسرته وأصدقائه والوسط الاجتماعي المحيط به وعلى أن يقوم بدوره في توجيه الآخرين إلى اتباع النظام الصحي الغذائي المتوازن.‏

فالتعبيرعن الفرح لايكون بفرط تناول الطعام «والطعام الكثير ليس هو العبادة» وخير الأمور أوسطها وبالمقابل يمكنه سؤال طبيبه عن كيفية المشاركة وتناول الأصناف المختلفة مع المحافظة على سكر دمه وشحومه ضمن الحدود المقبولة مع المشي نصف ساعة مرتين على الأقل يومياً إضافة لذلك لابد من مراقبة سكر الدم عبر الجهاز الذي لابد من تواجده دائماً في تنقلاته «مريض السكري» للكشف عن هبوط سكر الدم من دون الوصول لمرحلة الحرج بين الأصدقاء مع الحرص على أن تكون الزيارات مختصرة بحيث لاتسمح للمضيف المبالغة في كرم الضيافة وهذ الإلحاح سيجعل المريض الزائر مكتئباً ملولاً عبوساً متجهم الوجه، ضيق الصدر، غير مستمتع بالعيد.‏

ويشير د. عزمي إلا أنه على مريض السكري إذا أصر عليه المضيف بألوان متعددة من الحلويات فلا بأس أن ينفذ هذه الرغبة الحميمة ولكن مع الحرص ألا يفرغ هذا الطبق في بطنه فقضمة واحدة أو قضمتين قد ترضي رغبة المضيف في إظهار كرمه وسترضي أيضاً رغبة الزائر في الاعتدال ومنع التخمة وقضاء أيام العيد بخير وسلامة.‏

هذه الإشارة التي حدثنا عنها الدكتور عزمي فريد إن انطبقت على مريض السكري فإنها تنطبق أيضاً على الشخص العادي الذي يحرجه المضيف وخاصة الأصدقاء والأحباب وإن كانت تعبيراًَ صادقاً عن محبة الشخص للآخر فهي أيضاً تسبب الضيق وأحياناً عدم الزيارة، خاصة بعد شهر رمضان الذي عودنا على مواقيت معينة للطعام والتي لا نستطيع فجأة تغييرها بل تحتاج لبعض الوقت وما على المحبين إلا الإحساس بشعور أحبتهم حرصاً عليهم صحياً وحرصاً على تلبية رغبتهم بالزيارة لمرة أخرى وقضاء أيام العيد بخير وسلامة وكل عام وأنتم بخير.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية