صمنا، وعانينا من طول ساعات يوم الصيام، وصبرنا طمعاً بثواب أكبر، وقد أعاننا الله على إتمام عدّة رمضان لنهدي أنفسنا الفرحة بالعيد...
كنّا دائماً في كلّ عيد يمرّ علينا نحاول تذكّر من حرمتهم الحياة فرحة العيد، فنعرّج على همٍّ هنا وعلى وجع هناك لأن أي لوحة في الحياة لا تكتمل مهما حاولت هذه الحياة تقديم زخرفها لنا..
عيد الفطر السعيد بيننا، وكثير من الأحبة غادرونا، وقسوا علينا برحيلهم كما قسوتنا عليهم بدموعنا...
هم أحبّة طمعوا بالزفاف الأعظم إلى جنات الخلد على أجنحة الشهادة فحملتهم الملائكة إلى حيث يهطل رضوان الله عليهم بكرة وأصيلاً..
بكينا فراقهم ولم نبكِ زفّتهم، ومع هذا كان الدمع قاسياً على تربتهم الثملة برائحة دمهم، والزاهية بعبق بطولاتهم..
في العيد الماضي كانوا بيننا، أخوةً وأبناء وآباء، جاؤونا بـ (علب الحلوى)، فهل يُعقل أن يأتي غائب إلى بيته دون الحلوى في أيام العيد؟
انتظروا (علب الحلوى)، والضحكات التي سُرقت من أطفال وبنات بعمر الزهور تسأل عمن سيشتري لها الثياب الجديدة ومن سيأخذها بيدها إلى (المراجيح)!
انتظروا، ببراءة لم تغيّبها قسوة الأحداث، أن يتسلقوا أكتاف آبائهم في غنج طفولي لا يكتمل العيد إلا به، ولكنهم ارتدوا الشهادة عباءة للخلود واتشحوا بالبطولة درباً للعلياء و(صدقوا ما عاهدوا الله عليه) فقضوا من أجل أن تبقى سورية عزيزة جميلة حرّة أبية..
هم اختاروا هذا اللون للعيد، هم الأكثر حرية، هم الأكثر قدرة على اتخاذ القرار الصحّ، فقرروا مواعيد أعيادهم بأنفسهم، واختاروا مكان الزفة دون تدخّل من أحد، بل إنهم لم يخبروا المدعووين إلا بعد بداية مراسم العرس والعيد..
لهم منّا السلام.. شهداء الوطن الغالي الذين أفطروا على وقع التسبيح لله تعالى في جناته، وكان إفطارهم من أنهر العسل في جنات الرضوان..
لهم منّا السلام... هؤلاء الأحبة الذين واعدونا فاكتشفنا بعد رحيلهم أنهم واعدوا غيرنا أيضاً فلم نزعل منهم ولكن زعلنا على أنفسنا لأننا لم نستطع وداعهم..
لهم منّا السلام.. رجال علمّونا كيف تكون البطولة وكيف يأتي القرار الصحيح في الوقت المناسب فترخص الروح للوطن ولتراب الوطن ولكلّ نبضة حياة في هذا الوطن..
لهم منّا السلام.. أولئك الميامين الذين بشّرونا بالخلاص من تلوّث البعض ولوثه فطهّروا بدمائهم الزكية ثرى هذا البلد شبراً شبراً...
وللشهداء الأحياء منّا سلام.. أولئك الذين ينتظرون (وما بدّلوا تبديلا)... يرقدون على فراش المرض ويرجون ربهم الشفاء ليعودوا إلى واجبهم وإلى دورهم الوطني النبيل في الحفاظ على أمن وأمان سورية..
لشهدائنا الأبرار الرحمة، وللجرحى كل أمنيات الشفاء وكل عام ووطننا بخير وشعبنا بخير وقائدنا بخير، أعاده الله على سورية بكلّ الخير وبكل السؤدد والمنعة.