بالقرب من احدى المستوطنات. لقد حملوا كل شيء على عربات مربوطة بجرارات وبعض السيارات، وهم عبارة عن 19 عائلة يبلغ مجموعهم 127 شخصا بينهم 81 طفلاً، أجبروا على مغادرة التلال التي كانت بيتهم. وثمة بقايا قليلة تدل على انه قبل خمسة اسابيع كان يعيش هنا أناس في السهول الاربعة على جانبي طريق الون. مل تبقى عبارة عن حجارة العلامات التي كانت بين الخيام ووعاء كبير لسقي الماشية وتلفزيون محطم ودمية مهشمة الرأس.
لقد توجهت بعض تلك الاسر الى اراضي قرية رامون قرب مفترق الطيبة، بينما قصد آخرون اراضي قرية جبع قرب قرية بدوية قائمة. ووجدت عائلة اخرى مأوى لها في سفوح قرية مخماس. وبعد قليل سيكونون جميعهم مطالبين بتفكيك خيامهم والمغادرة عندما سيبدأ سكان القرى المضيفة اعمال الحرث والزرع لأراضيهم حيث نصبت الخيام. وعندها ليس واضحا إلى أين سيتجهون .
وهذه العائلات موجود في المنطقة منذ أكثر من ثلاثين عاما وهي من عشائر القراب وعراعرة ومليحات ويخضعون باستمرار لعمليات اقتلاع وتقليص لاراضي الرعي التي تحت تصرفهم، بسبب مستوطنة بنيت، او اعلان عن منطقة عسكرية، او اغلاق مصدر للمياه.
ويقول خضر كعابنة من عشيرة قراب أنهم رحلوا من اراضي جبع بسبب الخوف، بل انه كان لا يزال خائفا حيث طلب الا تلتقط له صور. ويقول خضر انه في 19 تموز اعتدت على عائلته مجموعة اسرائيليين غير مسلحين، اجتاحوا الخيمة وطلبوا أوعية الحليب وأكياس الدقيق والأرز وحطموا أبواب الخزانة وقلبوا سريرا كان فيه رضيعا، لكن لحسن حظه انه كان ملفوفا ببطانية، ولم يتضرر عند سقوطه على الارض. واللافت أن معظم الرجال كانوا في رام الله في تلك الساعة، ولم يكن هناك غير النساء والأطفال والفتيان الذين رشقوا الحجارة على المعتدين.
وبدل محاسبة المعتدين، بادرت الشرطة الاسرائيلية إلى اعتقال ثلاثة من المعتدى عليهم وهم خليل كعابنة البالغ 15 ونصف العام وشقيقه يوسف البالغ عشرين وابن عمه احمد وهو في السادسة عشر. وقد طلبت محكمة عسكرية برئاسة المقدم نتنئيل بنيشو بمواصلة اعتقالهم حتى نهاية الاجراءات القانونية. أما التهمة فهي أن أحدهم رشق حجارة فأصاب قدم الإسرائيلي هرئيل زند من سكان البؤرة الاستيطانية (غير المرخصة ) متسبيه داني. والاخران رشقا حجارة اصاب احدها صدر الشرطي العريف آفي بن عامي. وتستند لائحة الاتهام الى اقوال بن عامي، الذي كان في المكان منذ بداية الحدث تقريبا، وهو يلبس الملابس المدنية. ويقول السكان المعتدى عليهم انه وقف الى جانب المعتدين وعرف نفسه كشرطي في النهاية فقط.
وجاء في قرار بنيشو أن بن عامي وصل الى المكان بعد أن تلقى تقريرا بان بعض سكان المستوطنة يعتزمون النزول باتجاه الخيمة. وعندما وصل الى المكان شهد جدالا بين ثلاثة من سكان المستوطنة ومجموعة من سكان الخيمة واقترب الشرطي من اولئك الاشخاص وعرف نفسه من خلال هويته. وفجأة وصلت سيارة اخرى مع أربعة مستوطنين. نزلوا من السيارة، وركضوا نحو المجموعة وبدؤوا يصرخون وركلوا أوعية الحليب في مقدمة الخيمة. في هذه المرحلة لاحظ الشرطي الفتيان الثلاثة الذين يأخذوا يرشقون الحجارة على المستوطنين. وحسب الشرطي، استفز المستوطنون سكان الخيمة وطاردوهم، دون أن يرشقوا نحوهم حجارة ، بينما يؤكد أبناء كعابنة ان طفلة تبلغ 11 عاما اصيبت وكسرت قدمها بحجر رشقه المستوطنون، كما أصيب طفلان آخران . ويزعم المستوطنون أن السكان العرب يشعلون حرائق قرب البؤرة الاستيطانية، الأمر الذي ينفيه السكان مؤكدين انهم لم يصلوا أبدا الى مناطق زراعية أو مبنية.
ويلاحظ هؤلاء السكان تقارب الموعد بين اعتداء المستوطنين واوامر الهدم التي أصدرها الجيش ما يشير إلى وجدود تنسيق بين المستوطنين والجيش. ففي 24 تموز، سلم مراقبو الادارة المدنية أسرة كعابنة اوامر بوقف العمل (وهي تسبق دوما اوامر الهدم) في الخيمة والحظيرة. وحسب السكان، فان هذين المبنيين قائمان منذ سنين. وفي ذات اليوم ليلا دخلت شاحنة تيوتا بيضاء الى الخيمة، فيها رجال مسلحون يلبسون ملابس غامقة، ايقظوا نزلاء الخيمة، اوقفوهم في صف وصوروهم الواحد الى جانب الاخر بمن فيهم الاطفال، ثم أمروهم بالمغادرة مهددين باحراق الخيمة.
وعلى الاثر غادرت اسرة كعابنة المكان، وحتى 27 تموز غادرت ايضا بقية العائلات. وتقول عائشة حماد، من قرية عشيرة عراعرة انهم يواصلون اخافتنا طوال الليل، مؤكدة أن هذا الخوف لا يزال قائما حتى في الخيمة - الملجأ التي اقاموها خشية أن يأتي مستوطنون ويعتدون عليهم، وهو ما حدث فعلا في 20 آب الماضي حيث جرى الاعتداء في وضح النهارعلى طفل يعيل عائلته برعي الماشية في خيمة مجاورة من قبل شبان اسرائيليين قرب بؤرة ميجرون الاستيطانية. وهو يعاني من جرحين عميقين في رأسه ورضوض في صدره. وقد جرى التحقيق مع المعتدين لكنهم احتفظوا بحق الصمت واخلي سبيلهم.
وعندما جلب مراقبو الادارة المدنية الى عائلة كعابنة أوامر وقف العمل، سألهم أحد الاشقاء: الى اين سنذهب؟ وعلى حد قوله أجابه احد الجنود: اذهبوا الى سورية أو الاردن ..
بقلم عميرة هاس