وإهمالهما لمطالب واحتياجات الجماهير، وعدم سعيهما لتحقيق العدالة الاجتماعية ولاتسامهما بالغباء والخواء العاطفي وفقدان المشاعر الإنسانية.
على الرغم من تلك الصفات المقيتة التي ينعت بها هذان الرجلان فإننا نجدهما قد تصديا وبذلا جهودا فائقة في الأسبوع الماضي للحؤول دون الانزلاق في حرب ضروس كادت أن تقع لولا اتخاذهما التعقل مسارا في معالجة الأحداث الأمر الذي يستحقان عليه التقدير والثناء والإطراء للمواقف التي نهجاها، ولتحليهما بشعور عال من المسؤولية عندما غضا الطرف عما يجري من أحداث وعالجاها بأسلوب مهني احترافي وبقدر كبير من ضبط النفس موقفين في ذلك تفجير قنبلة موقوتة كانت في سبيلها الوصول إلى الجنوب لتشعل نارا تودي بحياة مئات من البشر وربما أكثر حيث ظهر أن رئيس الحكومة ووزير (الدفاع) قد اتخذا ذلك الموقف بحرفية بالغة دون أن يكترثا للانتقادات اللاذعة الموجهة إليهما من قبل المعارضة المتمثلة بتسيبي ليفني التي انتقدت الحكومة انتقادا حادا واتهمتها بالتراخي في معالجة الأمور ودعت إلى ضرب حماس بكل ما نملك من قوة حتى ولو أفضى هذا الأمر إلى تلقي ضربات موجعة في عسقلان، وأشدود، وبئر السبع، وريحفوت، وراشون ليتزون. أما شاؤول موفاز فلم يتوان عن طلب القيام بعملية حاسمة من شأنها تدمير البنى التحتية لحماس ولو أدى ذلك إلى مجازر جماعية في غزة ومقتل العديد من الجنود الإسرائيليين.
لو أن ليفني كانت على رأس الحكومة وموفاز وزيرا (للدفاع ) في حكومتها لكنا اليوم نخوض حربا دموية ضروس تكتوي بنارها المدن الإسرائيلية. ولشهدنا انهيارا للسلام مع مصر مع الاحتمال الكبير في حدوث كارثة لا تحمد عقباها تطول البلاد قاطبة.
في الأسبوع الماضي، توصلنا إلى قناعة تامة بأن حزب كاديما لم يتعلم من دروس الماضي، ويبدو أنه قد نسي ما مر من أحداث، أو أنه لم يستوعب الدروس التي تلقاها في تقرير فينوغراد المتعلق بحرب لبنان الثانية أو تقرير غولدستون بشأن عملية الرصاص المصبوب، لأنه لم يعط حدود قوة إسرائيل وقدرتها حق قدرها عندما رد بكل طيش وتهور ودون تفكير على ما تعرضت له البلاد من هجمات.
ليس غريبا أن يطالب حزب الاعتدال الذي ينظر إليه الكثير باعتباره حزب التعقل بقصف الفلسطينيين وتوجيه ضربة قاصمة لهم، إذ إنه الحزب الذي أدخلنا بحرب لبنان الثانية وحرب حماس الأولى فلا غرو أن يطالب اليوم ويسعى إلى إدخالنا في معركة ثالثة دون أن يأبه بما اتخذته حماس من موقف أظهرت به المزيد من الشعور بالمسؤولية متجاهلا في ذلك علاقتنا مع مصر التي أصبحت برباط واه فضلا عن التجاهل للواقع الاستراتيجي المعقد الذي تعيشه إسرائيل في الوقت الراهن.
لقد أعطتنا قيادة كاديما انطباعا عن مدى سطحيتها التي جعلتها لا تكترث بما تفضي إليه الحروب من سفك للدماء، وأكدت لنا مدى ضحالة تفكير قيادتها التي جعلت هذا الحزب يتراجع عما كان يدعيه من كونه حزبا للسلام ليعلن عن نفسه بأنه أصبح حزبا للحرب.
تجري إسرائيل الكثير من التحقيقات والتحريات بشأن الحروب التي خاضتها، وكان من الحري بها أن تجري التحقيق مسبقا في الحروب المزمع خوضها والجهات التي ترغب بتصعيد الأمور والجهات التي ترغب بمعالجتها بأناة وروية لعلها تتمكن في النهاية من تحديد الجهة الجديرة بقيادة البلاد في هذه الأيام الحاسمة.
لقد استطاع اسحاق شامير وأرييه ديرعي نزع الفتيل من حرب غير ضرورية كادت أن تقع في عام 1991، كما وتصرف أرئيل شارون بحكمة وضبط النفس في الرد على العمليات العسكرية التي حدثت في عام 2001. أما نتنياهو فلم يضغط على الزناد إبان ولايته الماضية ولم يفعلها خلال ولايته الحالية.
في الجهة المقابلة نرى أن قيادة كاديما لم تتوان عن خوض حرب عام 2006 ولم تحل دون تصعيد الحرب عام 2009 في الوقت المناسب وهاهي اليوم تقترح وتسعى لاتخاذ إجراءات من شأنها توريط إسرائيل في حرب دموية عام 2011.
إن تصرفات كاديما تثير في النفوس الاستغراب والقلق والتحسب حيث يبدو وكأن شيئا ما يزعزع هيكليته من خلال طرح مبادئ غير واضحة المعالم أو الهوية اعتقادا منه بأنه سيكسب المزيد من التأييد عندما يركز على المسائل الأمنية لذلك نجد أنه في الوقت الذي يتحدث به عن الانسحاب من الأراضي يطالب بقتل العرب.
إن حزب كاديما الذي خرج من تحت العباءة الليكودية ليتخذ لنفسه صفة الحمائم قد أخذ يسفر عن نزعة عسكرية وحشية ، الأمر الذي يحول دون إمكانية تقديمه صيغة متوازنة للسلام وضمان الأمن لأنه في واقعه لا يسعى إلا إلى برنامج دبلوماسي يتعذر تطبيقه يلازمه بمغامرات عسكرية.
إن ما تحتاجه إسرائيل هو أن يجري كاديما تغييرا جذريا في برامجه يؤكد بها للجميع بأنه ليس بحزب الثلاثة حروب.
بقلم اري شافيت