ليكون بذلك مختلفاً عن الكثير من أبناء جيله رافضاً التواجد المستمر مقابل الحفاظ على تاريخ فني ذو مستوى رفيع..
الفنان طلحت حمدي وخلال لقائنا حدثنا عن واقع السينما لكن بكثير من الحزن والأسى خاصة بعد مشاركته في الفيلم الايراني العالمي (يوم القيامة) لما شاهد خلال هذه المشاركة من دعم وتكريس أموال طائلة لخلق سينما وطنية تحترم مشاهديها ، معه كان اللقاء التالي:
ما أهم المحاور التي يتناولها فيلم (هوى) الذي شاركت به مؤخراً ؟
يتناول موضوع الفساد الإداري والأخلاقي ويقدم نموذجاً لامرأة تتخبط بين أمواج هذا العالم الفاسد ، وكيف يشوه هذا العالم الانسان ويدمر القيم ، والفيلم مأخوذ عن رواية للكاتبة هيفاء البيطار وهو من إخراج واحة الراهب . وأجسد فيه دور والد البطلة أمل الذي تؤديها الفنانة سلاف فواخرجي ، والفيلم تجربة مهمة .
أين تكمن خصوصية الرواية في الفيلم السينمائي ؟
عندما كان إنتاج القطاع الخاص غني بالعدد في فترة السبعينات إلى التسعينات كان الإنتاج يحاكي السينما المصرية التجارية ، حيث تقوم شركات الإنتاج بجلب سيناريوهات الأفلام المصرية وتجري عليها التعديلات المناسبة لتتلاءم مع البيئة السورية ، وفي تلك المرحلة كانت السينما (سينما مقاولات). وفيما بعد تأسست مؤسسة السينما وفضلت الاعتماد على الرواية الأدبية وفي الواقع هذا الاتجاه صحيح فغالباً ما تحمل الرواية قضايا ذات قيمة وطنية واجتماعية لذلك يبقى للرواية مكانة خاصة في السينما .
هل تقدم الرواية برأيك آفاقاً أوسع لكاتب السيناريو وللمخرج في تقديم الفيلم بصورة أفضل ؟
جميع الكتاب الروائيين الذين تحولت رواياتهم إلى أفلام سينمائية صدموا وتبرؤوا منها لأن الكاتب يستطرد برؤيته ومشاعره ، والسينما لغة الاختزال والتعبير بالصورة وعندما تعجز الصورة يتم اللجوء إلى الحوار فالسينما فيها عملية تكثيف للاستغناء عن الخطوط الجانبية . فالعلاقة بين كاتب السيناريو والمخرج هي غير العلاقة مع الكاتب الأصلي ، وغالباً بعد أن ينتهي كاتب السيناريو يعرض النص على كاتب الرواية كي يعرف ما هي رؤية السيناريست للرواية ومن الممكن أن يعطي بعض الملاحظات للتعديل .
قالت الفنانة سلاف فواخرجي أن فيلـــم (هـــوى) أقرب للناس من المهرجانات !؟..
قيمة الفيلم بما يحويه من أفكار ، و (هوى) يروي مأساة إنسان ضحية الفساد والفقر ويوجه إشارات إنذار للمجتمع فهو يحمل قيمة إنسانية واجتماعية عظيمة ، ولا أرى بأن الفيلم القريب من الناس وهمومهــم لا يمكن أن يكون فيلم مهرجانات .
كيف ترى واقع السينما اليوم ؟
هناك ظلم واقع على السينما السورية لأن القطاع الخاص انفرد للإنتاج التلفزيوني وترك السينما ولم يعد هناك سينما أو صالة سينما أو حتى جمهور سينما .
ما السبيل لإعادة الحياة للسينما ؟ وجذب الجمهور ؟
تتجدد السينما بدماء وافدة ومن خلال التجارب المتواصلة . فإذا كانت المؤسسة تنتج في العام ثلاثة أو أربعة أفلام فيجب أن تنتج أكثر ففي هذه الحالة التجربة،والحوار، والتلاقي تنضج وان حصل أخطاء لابد أن نستفيد منها وبالتالي تتشكل حوافز لتقديم إنتاج أفضل والعمل على تطوير الأدوات سواء على مستوى السيناريو أو التصوير والديكور والموسيقا... وجميع هذه الأدوات لا يمكن أن تتطور إلا بالاحتكاك وتبادل المعرفة والخبرات .. لذلك أرى بأن مخرجي السينما مظلومين لأنهم قليلا ما يمارسون ما تعلموا .. جمهور السينما لم ينته من العالم ، فهو لا يزال موجوداً في مصر وتونس ولبنان.. فما تستطيع أن تقوله السينما لا يستطيع أن يقوله التلفزيون إذاً نحن بحاجة إلى خلق وعي سينمائي وثقافة سينمائية وأن تبدأ هذه الثقافة في جميع مراحل التعليم في المدارس والجامعات ..وآسف اليوم لأنه في الخمسينات كان هناك جمهور سينما أكثر من الآن بكثير. فهل انشغل الإنسان بالمادة إلى درجة أبعدته عن القضايا الثقافية (الكتاب ،السينما، الفن التشكيلي..) حتى أن مخرجي السينما ابتعدوا عنها واتجهوا إلى التلفزيون .
إلى أي مدى يمكن للسينما أن تسهم في تخليد الفنان؟
السينما تخلد الفنان لسبب أن الشريط السينمائي يدخل في ذاكرة أرشيف السينما بينما المسلسل التلفزيوني لايدخل في أرشيف الذاكرة خاصة في هذا الزمن ، السينما تخلد العاملين فيها.