بورقة سلوفان ملونة ومربوطة بشريطة ذهبية وبداخلها ورقة بالخط الثلث الجميل «صك الحرية» وبما أن الحرية هي أخت أو ابنة عم المساواة، وكل واحدة منهما تكمل الأخرى، وبما أن مجتمعنا العربي بمجمله يتصف أنه مجتمع ذكوري، فالرجل يأمر، والمرأة تمتثل لتلك الأوامر ثم تبدأ بالنق والتذمر والشكوى لأن الله خلقها امرأة، وتطالب بالحرية التي توصلها إلى المساواة مع هذا الرجل المتسلط الذي يملك مالا تملك من الحقوق والحريات.
أعترف أنني ومع تجاوزي السبعين من عمري مازلت أصرح أنني في كل حياتي كان ولعي الأكبر هو المرأة والحرية والدفاع عنهما، وإن قلبي مازال يسلت من صدري كلما التقيت بامرأة جميلة أو نصف جميلة، وإن الجلوس في الكافتيريا مع فنجان قهوة مع أنثى هو أكثر متعة عندي من الجلوس مع أي مسؤول أو مثقف أو نجم سينمائي، وهذا ما يجعلني مناصراً للمرأة، وأذكر محاضرة ألقتها إحدى السيدات في المركز الثقافي بحمص منذ سنوات وموضوعها المرأة، وكنت أتوقع أن تكون القاعة ملأى بالنساء من مختلف الأعمار لأنهن المعنيات بموضوع المحاضرة، وهذا في الحقيقة ما دفعني لحضور تلك المحاضرة، لكن المفاجأة كانت في العدد القليل من النساء والحضور الكبير للذكور مع أن هذه القاعة الواسعة كانت ستمتلئ بالنساء لو كانت أمسية شعرية لنزار قباني أو لقاء مع أحد نجوم الدراما أو السينما أو الغناء.
أحد الأوروبيين عندما دخل إلى مقهى شعبي في بلادنا ذهبت به الظنون إلى أن هذا المكان خاص بالمنحرفين والعياذ بالله، وهذه المقاهي الذكورية حصرياً منتشرة في العالم العربي، وحين غامرت أول فتاة في دمشق بدخول مقهى الروضة بشارع العابد مع صديقتها وطلبت أركيلة وفنجاني قهوة سادة وطاولة زهر، لم يستطع النادل عدم تلبية الطلب أو لفت النظر إلى أن هذا المكان خاص «بالزلم»، لكن دهشته الكبيرة آنذاك مع استغراب أو استهجان رواد المقهى قد زالت مع تزايد عدد الرواد من الجنس اللطيف على هذا المقهى الذي كان حكراً على الرجال.
الحرية والمساواة في مجتمعات ذكورية هما أفعال وسلوك ومواقف وإصرار من المرأة وحدها، وماعدا ذلك هو مجرد نق وطق حنك في دوارات النسوان.