كل هذا وأكثر يعرفه الزوج ويناقش به خارج حدود منزله بل ويستفيض بالحديث إن ما سئل عن نصيحة بالارتباط والزواج وإنجاب الأطفال ..عكس حاله على بلكونة منزله فالصورة تصغر وتصغر حتى تكاد تستعير نفسها كل يوم وكل وقت فجلسة الصباح كتعسيلة القيلولة وجلسة المساء.. كلها متشابهة طالما أن القاسم المشترك فيها وجود الزوج والزوجة فحاله مختلف عن جلسات الاصدقاء ولسانه لن يلفظ بحرف أبجدي واحد خارج حدود الجملتين المعتادتين "وين الغدا؟" "ووين القهوة؟" وإن استطالت المحادثة نجم عنها مشاجرة حول تقصير الأولاد دراسيا وأخلاقيا طبعا بحكم الجينات الوراثية من الأحوال.
وهذه المشاجرة لن تسمعها فقط في بلكونة قريبة جدا من منزلك.. بل ولغاية في " نفس" معلمي الدروس الخصوصية والجامعات الخاصة وبعض الحكومية ستصبح حديث الأقارب والجيران حتى أصدقاء العمل كلهم سيتناولون بعد تفنيد الأخبار السياسية ... التحلية بحديث شهادات الأولاد والحلم الضائع... فالأهل لم يقصروا والبيت أصبح جنة تخدم طالب الشهادة والأم والأخت باتت "اللفاية" لطالب الشهادة... والدروس الخصوصية أنهكت رب البيت والأم استهلكت من كثرة ما "صمدت" لدفع قسط المعهد , وطاولة الدراسة ممنوع الاقتراب منها كي لا تختلط الكتب بالدفاتر مع بعض الأوراق وينتج عنها خمس دقائق ضائعة من وقت الطالب الثمين.....
كل هذا وأكثر...
فأخوته اعتادوا "الخرس" وشد الحزام , حتى الجيران وصلت لهم الرسالة وأصبح ممنوعاً عليهم فتح المذياع أو لعب الكرة فوق سقف من في بيتهم امتحان , والدعاء لطالب الشهادة سقفه مفتوح والنذور ... أصبحت في رقبة ولي الامر... والكل يفتح صدره ويقول يارب النجاح يارب.. هذا ما عدا الدموع التي ستنهال مع استفاضة الأم بحديثها عن كم الجمعيات التي شاركت بها لنصرة ابنها على الامتحان ... وتأجيلها مشروع "الفريزا" والخلاط... لما بعد نكبة دروس التقوية ومعهد اللغات , وخوفها من لسان زوجها إن لم ينل الابن الموعود بشهادة حسن سلوك من "الحماية" وابناء العموم وزملاء العمل خاصة من لديه ابن في كلية المعلوماتية أو طب الأسنان..
إنها سنة كبيسة على الأم وثلاثمئة وستون يوما لن تنساهم حتى ولو صارت عجوزا بلا أسنان... فهي إما ستكون أم الطبيب الذي شابه أباه أو أنها ام الفاشل شبيه خاله أو ابن ابن خالة أمه "المكنسيان"...؟