تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الوجه الآخر للانتخابات الأميركية القادمة

شؤون سياسية
السبت 10-9-2011
غالب حسن محمد

هل ستكون الانتخابات الأميركية القادمة في /2012/ مختلفة عما سبقها؟ مما لا شك فيه أن العديد من المسائل والمواضيع الحساسة التي خيمت على انتخابات عام /2008/ ،

لازالت جاثمة على الواقع ، ومن المرجح أنها سوف تحدد ملامح الأجندة الوطنية القادمة.‏

فالمسألة العراقية حتى الآن تتخبط وغير مستقرة، وغير واضحة ما إذا كانت سوف تنتهي في الأفق المنظور، أما فيما يتعلق بالقضية الرئيسية في المنطقة أي الصراع العربي - الصهيوني فالأمر يزداد غموضاً يوماً بعد يوم، فهل تستطيع الإدارة الأميركية القادمة حسم هذا الصراع، لقد عجزت إدارة أوباما حتى الآن عن تحقيق أي تقدم في مسار التسوية السلمية أو حتى استمرار المفاوضات، بل كانت داعمة للاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة ، إضافة إلى استمرار دعمها للحصار الاسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية لقد فشلت إدارة أوباما في تحقيق أي من الوعود التي قطعتها على لسان زعيم البيت الأبيض في خطابه الشهير في القاهرة.‏

على صعيد الداخل الأميركي لاتزال تداعيات الأزمة الاقتصادية تسيطر وتهيمن بشكل لم يسبق أن عرفته الولايات المتحدة، ولازال الصراع بين الجمهوريين و الديمقراطيين يشكل عائقاً في التوصل لأي حل حول المشكلات الداخلية الملحة.‏

وهناك المسألة الأفغانية التي تتفاقم بشكل متسارع إضافة إلى التطورات الدولية وإضافة بؤر توتر جديدة.‏

وراء هذا الواقع وهذه المعطيات، نستطيع القول بأن الانتخابات القادمة، ستكون مختلفة بشكل واضح.‏

على صعيد منطقة الشرق الأوسط، هناك معطيات جديدة ومختلفة اليوم، فالتطورات الدراماتيكية الجديدة ، أدت إلى تغيير في الخارطة السياسية للمنطقة، حيث إن شعوب المنطقة أخذت تحمل حكوماتها مسؤولية ماآلت إليه الأوضاع المتردية في بلدانهم بعد أن ضاقوا ذرعاً ولم يعودوا يقبلون بالوضع الراهن. لقد أصبح الزعماء العرب اليوم وأمام هذه التحديات أكثر استجابة لرأي شعوبهم.‏

بالطبع هذا الواقع الجديد يضع الولايات المتحدة أمام تحديات جديدة، الآن أميركا مضطرة لأن تصغي أكثر من أي وقت مضى إلى تطلعات الشعوب العربية، الأمر الذي يشكل عائقاً أمام صناع القرار وتشكيل السياسات الخارجية وبالطبع قد يستمر الكونغرس في لعب « السياسة كما عهدناها» أي الانحياز الكامل لسياسات إسرائيل».‏

الواقع أن الحياة السياسية في الولايات المتحدة مختلفة الآن عما كانت عليه سابقاً، أميركا الآن مدعوة اليوم إلى تفهم أفضل للعالم العربي، ومدعوة إلى جعل هذا العالم يفهمها بشكل أفضل.‏

لقد كان واضحاً حجم الضرر الذي تسببت فيه المجموعات داخل الإدارة الأميركية الحالية والسابقة المتمثل في حملة الكراهية المناوئة للإسلام والمسلمين وللمساجد في حملة عام /2008/ إلا أن المؤشرات تشير إلى استمرار هذا النهج، واستمرار البحث عن وسائل لاستغلال الخوف والتخويف من المسلمين، واستخدام هذه الوسائل كموضوع سياسي مثير للإنقسام بشكل عميق. هذا ما ظهر في الكثير من التعليقات الصادرة عن العديد من المرشحين الرئاسيين، وفي الحملة المنظمة التي ترتكز على تمرير قوانين مناوئة للشريعة الإسلامية في الولايات المتحدة.‏

هذه الحملات المناوئة للمسلمين تبعث برسالة إلى العالم تشير إلى حالة التعصب المتزايدة داخل أميركا كما توضح صعوبة الانخراط في خطاب عقلاني حول القضايا الأساسية التي تواجه أميركا أولاً والعالم كله. إضافة إلى أن هذه الحملات تمثل تهديداً للنسيج الاجتماعي الأميركي، ولكن هذا لا يمنع السياسيين من استخدام أي وسيلة لتعبئة مناصريهم عملاً بالقاعدة المعمول بها« ليذهب البلد إلى جحيم».‏

في ظل الركود الاقتصادي نتيجة تداعيات الأزمة المالية داخل الولايات المتحدة وفي ظل البطالة الطويلة الأمد، والمعاشات التي أضحت في خطر، نرى بأن المزاج العام في الداخل الأميركي مختلف اليوم.‏

لقد شكل هذا الوضع حالة من فقدان الثقة في الحلم الأميركي ودفع إلى احتدام التعصب الحزبي الذي سبب شللاً كاملاً في أميركا ، من خلال ما تقدم نستطيع التكهن بأن الانتخابات القادمة ستكون مختلفة فالتحديات أقوى بكثير من أي وقت مضى، وكذلك الحال بالنسبة للأخطار التي تواجهها الولايات المتحدة، ولكن بالنسبة للأميركيين العرب، فإن هذه الانتخابات بدأت تتطور وتتحول إلى سباق بين مرشح خيب آمالهم ومرشحين يصيبونهم بالهلع والخوف الشديد.‏

في انتخابات عام 2008 صوت الأميركيون العرب بأعداد كبيرة لأوباما وذلك بعد ثماني سنوات من التهور والإهمال اللذين ميزا مقاربات إدارة بوش الابن تجاه الشرق الأوسط- إلا أنهم وبعد ثلاث سنوات من إدارة أوباما لايزالون ينتظرون حدوث تغيير حقيقي، في الوقت الذي تعاني فيه الحياة السياسية في واشنطن عجزاً وشللاً وتزداد فيه لؤماً وبعداً عن حقائق الواقع في الشرق الأوسط.‏

ثمة أمور يجب التسليم فيها: إن انتخابات 2012 سوف تجري بالعرب أو من دونهم، وأن التحديات التي تواجه أميركا لن ترحل بسهولة، ولن تحل بواسطة انتخابات أو مجيء زعيم جديد للبيت الأبيض، وإن المتغيرات الحاصلة على أرض المنطقة، لن يرافقها متغيرات في السياسة الخارجية الأميركية في هذه المنطقة الحساسة من العالم.‏

إن انتخابات عام 2012 ستكون مختلفة، غير أن مدى هذا الاختلاف سيكون جزئياً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية