اذاً الامر ليس حباً بالديمقراطية والرفاه او تحقيقاً لحرية الشعوب العربية،
انما الامر واضح منذ شرارة الاحداث الأولى في تونس ثم في مصر واليمن والبحرين وليبيا وسورية .. وكلمة باطل لاثبات الباطل.. ولاسيما بعد ان شاهد المواطن العربي بأم عينيه ماحصل قبل ذلك في العراق وافغانستان ومايجري من احداث يومية في فلسطين المحتلة.
فقبل 10 سنوات غزت أميركا أفغانستان وقتلت 150 ألف أفغاني حسب مجلس البرلمان الأفغاني وشردت أضعاف هذا الرقم ثم غزت اميركا العراق بحجة تأمين الديمقراطية للشعب العراقي وازهقت ارواح اكثر من مليون عراقي وهجرت أكثر من 4 ملايين إلى دول الجوار العربي، وآخر تدخل دولي لها في ليبيا قتلت بالاشتراك مع قوات الناتو أكثر من 50 ألف ليبي حسب اعتراف المجلس الانتقالي الليبي نفسه.
وقد ادخلت أميركا العراق في مستنقع من الفقر والجريمة والحقد الاعمى وغذّت الحرب الاهلية ولعبت على الاوتار الطائفية واعادت هذا البلد العربي عقوداً الى الوراء بعد أن كان يتميز اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وكان الهدف واضحاً .. ان تسيطر على مقدراته، وجعله تابعاً للبيت الابيض الاميركي، وعاجزاً حتى عن اتخاذ اي قرار فضلاً عما خلقته من تناحر بين اطيافه وشرائحه واحزابه من اجل البقاء فيه اطول فترة ممكنة بحجة تدريب القوات الامنية والتي انهكتها الحرب المستمرة واعمال العنف والتفجيرات التي تسببت فيها قوات الغزو.
اذاً التدخل الاميركي هو ما اوصل العراق الى هذه الحالة وقبله افغانستان ولم تكن سورية بعيدة عن المخطط الاميركي في التدخل وبدأ استهدافها قبل عشر سنوات لتنفيذ الاستراتيجية الاميركية القاضية باجتياح سبع دول من ضمنها سورية، وذلك بشهادة سعيد دودين مدير مؤسسة عالم واحد للبحث والاعلام من ألمانيا وقبل الكثير من المحللين والخبراء السياسيين.
وهكذا بدأت امريكا بوضع كل امكاناتها السياسية والاعلامية وجيشت الرأي العام العالمي، ووضعت -وللاسف- اطرافاً عربية في مركبها لتحقق غاياتها وتنفذ اجنداتها، بعد ان عجزت عن التأثير على مواقف سورية المشرفة والشجاعة واخفقت في ابعادها عن المقاومة، حيث حولت بشكل صريح وواضح مجلس الامن والمنظمات الحقوقية لخدمتها من اجل تغيير صورة الاحداث الحقيقية، واستخدامته أداة ضغط كي تمتثل سورية للارادة الاميركية ومن معها ولاسيما بعد ان نجحت في تطويع الاعلام الناطق باللغة العربية لمصلحتها وتأمين الحماية الدولية لاهدافها تلك في ليبيا، فقام حلف شمال الاطلسي بقصف المدنيين والجيش في ان معاً بذريعة حماية المدنيين من القوات الحكومية، وقتل أكثر من 50 ألف مواطن ليبي وهجر مئات الألاف عدا عن عشرات آلاف الجرحى وكل ذلك بهدف السيطرة على النفط الليبي بعد ان تقوم الحكومة الجديدة بتسديد فاتورة الحرب الظالمة.
وبالعودة الى سورية فان التدخل الاميركي الاسرائيلي لم يعد بحاجة لادلة وبراهين، وخاصة بعد الاعترافات التي ادلى بها المخربون ورواياتهم عن ارتباطهم بدول مجاورة عربية واجنبية.
اذا ايا كانت مبررات التدخل، فهي شكل من اشكال الاستعمار الجديد حتى وان تلون بألوان زائفة وهو تقويض للحرية و الاستقلال الحقيقيين اللتين تتمتع بهما دولة ما، لان الاصلاح الحقيقي لايمكن ان يمر على انقاض الوطن بل يأتي عبر تآلف ابنائه ووحدتهم وحبهم في البناء والاعمال، لا للهدم والانتحار على ايدي القوات الغازية والمتطفلة، وحبهم للانعتاق من الظلم ورفض كل مشاريع الهيمنة انطلاقا من ان قيمة الاصلاح تكبر وتسمو مع التصاقها بالقضايا القومية والوطنية لاعبر التسويات والتنازلات التي تريدها تلك الاطراف التي تطلب الحماية الدولية للشعب السوري والتي تشكل اكبر اهانة لكن من يدعو الى ثورة او تغيير او حتى اصلاح، فتاريخ سورية يثبت ان مجرد رفع مثل هذا الشعار أواستدعائه هو تقويض لاي دعوة حقيقية للاصلاح، فكيف اذا جاء عبر البوارج والدبابات، ألا تتناقض هذه الدعوات مع التوق للحرية والكرامة المزعومتين.
ان المنطق القانوني الدولي وميثاق هيئة الامم المتحدة وكل الاتفاقيات الدولية تؤكد ان الافعال والممارسات الاميركية والاسرائيلية باطلة ومرفوضة جملة ومضمونا في اصلها ووصفها ودوافعها وغاياتها، فمن غير المعقول ان تحمل الافعى في فمها عسل او تطلق بدل السم الزعاف ترياقا شافيا لأي مرض.
فميثاق الامم المتحدة واضح لايحتمل التأويل بشأن التدخل الخارجي في شؤون الدول مهما كانت الأسباب، واي تدخل يعتبر عدواناً صارخاً على تلك الدولة المنوي التدخل فيها أو حتى التي تم التدخل فيها.
النهم الأميركي لم تشبعه الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في دول العالم والأخرى التي تستخدم فيها اسرائيل لشنها، انما بدأت واشنطن التحريض الاعلامي والسياسي وبدأت بضخ الأموال وامداد السلاح لحركات التمرد في الدول العربية لتأجيج العنف ونشر الفوضى وعدم الاستقرار في خطوة أولى للتدخل في شؤون هذه الدول، التحريض الذي بدأ في تونس وانتهى، لينتقل الى مصر ثم ليحط رحاله في اليمن وسورية وليبيا، في وقت لا ندري فيه اذا ما كانت الدول التي ساندتها سيأتي دورها في القريب العاجل أم سيتم تأجيله.
خريس: باطلة شكلاً ومضموناً
فقد قال سميح خريس الامين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب من الاردن ان الدعوات التي تطلب الحماية الدولية للشعب السوري والتي تطلقها جهات معروفة هي كلمة باطل لاثبات الباطل وتعتبر حسب المنطق القانوني الدولي وميثاق هيئة الامم المتحدة وكل الاتفاقيات الدولية باطلة شكلا ومضمونا في أصلها ووصفها ودوافعها وغاياتها.
وأوضح خريس في اتصال هاتفي مع التلفزيون السوري امس أن ميثاق هيئة الامم المتحدة ينص بصيغة مباشرة وواضحة لا تحتمل التأويل بعدم جواز وشرعية أي تدخل خارجي في أي دولة عضو بهيئة الامم المتحدة مؤكدا أن هذا التدخل يعتبر بكل صوره عدوانا صارخا على تلك الدولة المنوي التدخل فيها أو التي تم التدخل فيها.
ولفت خريس الى أن الحجج التي تطرح على أنها لحماية المدنيين تتناسى اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور والجرائم الفظيعة في العراق وانتهاكات العدو الاسرائيلي في فلسطين متسائلا هل الدول التي تبرر تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد حريصة على ديمقراطية المواطن العربي وحريته وحمايته وعرضه مبينا أن تمهيد بعض الانظمة العربية الرسمية لمثل هذه الخطوة يندرج ضمن الجرائم الكبرى لان المطلوب من هذه الدعوات الهيمنة على الامة.
السيد أحمد: تقويض لمعنى الاستقلال والحرية
من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي رفعت السيد أحمد من القاهرة أن ما سمي جمعة الحماية الدولية هي أكبر اهانة لكل من يدعو الى ثورة أو تغيير أو حتى اصلاح مؤكدا أن تاريخ سورية يثبت أن مجرد رفع مثل هذا الشعار واستدعائه هو تقويض لاي دعوة حقيقية للاصلاح.
وأشار السيد أحمد الى الشواهد الواضحة والجلية في أغلب البلاد العربية لما يسمى الحماية الدولية مؤكدا ان استدعاءها أيا كانت مبرراته هو شكل من أشكال الاستعمار الجديد حتى وان تلون بالوان زائفة وهو تقويض لاي معنى للاستقلال وللحرية من الظلم والاستبداد والتبعية للاجنبي.
ولفت السيد أحمد الى أن الاصلاح الحقيقي لا يمكن أن يمر على أنقاض الوطن بل يأتي عبر وحدته وتآلفه ووحدة المطالب الوطنية الداخلية والخارجية لمقاومة المشروع الصهيوني والامريكي.
وتطرق السيد أحمد الى تصريحات البعض في الاونة الاخيرة والتي تستهدف فك الارتباط السوري مع المقاومة العربية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من أي مفهوم للاصلاح مؤكدا أنه لا قيمة لأي اصلاح يبتعد عن القضايا القومية والوطنية مبينا أن الولايات المتحدة تريد لسورية أن تتجه الى طريق التسويات والتنازلات والتبعية لإلغاء معاني الحرية والاصلاح ونسف هويتها العربية والتاريخية.
ودعا السيد أحمد المعارضة الوطنية السورية في الداخل والخارج الى أن تعلن براءتها من دعوة الحماية وممن يلوح بها وأن تسير في الركب الحقيقي للوطن وهو الاصلاح من داخل الوطن وليس عبر بوارج ودبابات الغرب متمنيا ادراك المعنى الحقيقي للحرية والرفض الفوري لمثل هذه الدعوات التي تناقض معاني الاستقلال والكرامة والحرية.
دودين: تهدف لاستنزاف سورية وتعريضها لحرب عدوانية
بدوره قال سعيد دودين مدير مؤسسة عالم واحد للبحث والاعلام من المانيا انه اثناء وجوده مع اثنين من محرري المؤسسة قبل فترة في دمشق رصد أداء قناتين من بعض القنوات الناطقة باللغة العربية حول ما بثته من أخبار عن نشاطات محددة في دمشق وعند حضوره فورا في المكان الذي يسمع عنه أي خبر في تلك القنوات تبين لعدة مرات ان هذه الاخبار مهزلة حقيقية لافتا الى انه وجه رسائل الى الرأي العام في أوروبا حول مدى مصداقية هذه القنوات.
وأكد دودين أن هذه الاخبار تتصل بالسياسة الاعلامية التي تشن حربا حقيقية على سورية حيث بدأ استهدافها قبل مدة من تحرك بعض المجموعات لتنفيذ استراتيجية واضحة ضد سورية.
وبهذا الصدد اشار الى حديث قائد قوات حلف شمال الاطلسي السابق في تشرين الثاني عام 2001 حول اوامر من وزارة الدفاع الامريكية لاجتياح سبع دول من ضمنها سورية.
وبين دودين أن الدعوات التي أطلقت الآن في سورية والتي تندرج خلف قناع واجب الحماية هي ما وضعته مجموعة من المنظمة الصهيونية الكندية ولا يختلف على الاطلاق عن مصطلح الانتداب الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية الذي يهدف الى تمزيق الوطن السوري الى كيانات مشيرا الى أن الازمة الخانقة التي تعيشها الولايات المتحدة الامريكية دفعتها الى خوض حرب كونية منذ العام 2001 لمحاولة فرض نظام افاق كوني يطلق عليه نظام العالم الجديد.
وأشار دودين الى أن من يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان هو نفسه من قتل مليون عراقي داعيا الى تلافي التقصير في اصدار مذكرات اعتقال بحق من ارتكب جرائم حرب في هذا البلد.
وأضاف دودين ان المعارض هو من يريد تطوير رؤى من أجل مستقبل أفضل ولكن الذين يحلمون بتدنيس سماء دمشق براية الصهاينة يدركون تماما مقدار حجمهم الحقيقي لو حدثت انتخابات في سورية خلال الفترة القادمة لذلك فهم يرفضون الحوار وفكرة المشاركة الحقيقية في الحياة السياسية وهم يتلقون السلاح والاموال وحتى الشعارات لانهم مرتزقة.
وأوضح دودين أن الهدف من الحيلولة دون تنفيذ عمليات الاصلاح التي تحلم بها الشعوب العربية هو استنزاف سورية وتعريضها لحرب عدوانية حسب الاستراتيجيات الاسرائيلية حيث يكفي تسخير بضع مئات من المرتزقة لاستهداف سورية من أجل التحضير لحرب عدوانية شاملة ضد لبنان وسورية وفرض ما يطلقون عليه الشرق الاوسط الكبير.