تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية.. أسرتي وبيتي.. مدرسة كبيرة انتسبنا إليها وتعلمنا منها الكثير

مجتمع
الخميس 15-9-2011
ثناء أبو دقن

أبداً لا يمكن أن تكون هناك كلمة لها قدسية في النفس بعد الله.. كما لهذه الكلمة ( سورية الوطن).. ولايمكن أن يكون في ضمير ووجدان كل سوري حر وعاقل..

بلد أطهر وأغلى على قلبه من الأرض السورية.. سورية مدرسة كبيرة دخلناها وتعلمنا منها الكثير حتى شّكلت عوالمنا ورسمت ملامحنا ولونت أحلامنا.. وكان الوطن هو الموضوع الرئيسي في حياتنا كتلاميذ.. حيث كنا نقف في صفوف منتظمة نرفع أيدينا إلى جبيننا لكي نحيي العلم رمز وطننا وعنوانه ونراه مرفرفاً على أسطح مدارسنا.. وصار الواحد منا عندما يريد أن يحدد موقع مدرسته من بعيد يشير إلى العلم ويقول هناك عند العلم تقع مدرستي.‏

وإذا كان مفهوم الوطن غامضاً عند البعض من الناس.. فإن الوطن عند الأغلبية المؤكدة من المجتمع ليس مجرد بقعة أرض ولاهو الأهل والأقارب.. فما أيسر أن يجد المرء بقعة أرض في المعمورة الواسعة يعيش عليها.. إلا أن مفهوم الوطن وحسب رأي الأغلبية العظمى يتعدى هذا المفهوم الضيق إلى داخل الإنسان ومشاعره وعقله وأحلامه وطموحاته، هو كل شيء.. إنه جزء من نسيج الإنسان.. ولحمه وعظمه وكينونته.. إنه شعور بالرقي والشموخ والعز عندما نذكر الوطن.. وإذا كان هو كل شيء.. كما أكد لنا جميع من حاورناهم.. فماذا تعني لهم سورية؟ وسورية اليوم عانت ما عانت ونزفت ما نزفت..‏

الوطن.. هو كل شيء‏

أبو حسين بائع متجول قال: سورية هي طريق ذهابي إلى عملي.. لألتقط رزقي.. والأمان يظللني ويحميني ليلاً ونهاراً.. أنا لا أعرف دروباً غير هذا الدرب.. ولا بلداً غير هذا البلد.. ولا أريد لأولادي العيش إلا فيه.. وأنا أصادف في طريقي الكثير من الغرباء الذين يسألون عن أماكن ومناطق حفيدي يعرفها جيداً.. لأنهم غرباء.. ونحن أبناء هذا البلد.. فهل سنصبح غرباء في بلدنا أو بلد غيرنا.. لاقدر الله..‏

أم عمر ربة منزل: تسألينني ماذا تعني لي سورية .. وهل تسأل السمكة ماذا يعني لها الماء.. وإذا كان البعض في الأمس وحتى اليوم لايدرك قيمة ومكانة هذا البلد فهل بقي الحال الآن على حاله.. لا أظن.. سورية بيتي وأسرتي.. بيت أهلي وأولادي... وأحفادي من بعد..‏

منذر العلي طالب جامعي: كل شيء يذهب وينتهي إلا الوطن .. فهو باق والوطن هو الأول والأخير.. وحب الوطن من الايمان.. ونحن مؤمنون بالله والوطن.. وقد عرفت الكثير من معاناة الطلبة الذين قدموا إلى سورية من دول بعيدة وكيف الواحد منهم يعيش الوحدة والضياع بعيداً عن وطنه وأهله.. وأنهم لم يعرفوا قيمة بلادهم وأهميتها إلا إذا فقدوها.. ولو لفترة قصيرة.. وخصوصاً الطلبة العراقيين.‏

د. وفاء الأحدب طبيبة أسنان: سورية بعيوني اليوم.. غير سورية بالأمس ولا يمكن مقارنة قناعة الأمس بقناعة اليوم.. كنا بالأمس نعيش لأنفسنا ولأولادنا ومستقبلهم ونغوص بأمورنا الشخصية.. أما اليوم وبعد هذه التجربة المريرة والتي طالت كل بيت ومدينة في سورية.. لم يعد الأمر كذلك.. صرنا أسرة واحدة.. همنا واحد ومعاناتنا واحدة.. ولأنني أرفض ولا أقبل أن يطال بيتي وأسرتي أي ضرر فأنا بت حريصة على وطني ضد كل تمزيق وتحريض حرصي على بيتي وأولادي سورية بلدي وأسرتي وبيتي.‏

الطفلة دانيا قالت: لعبتي فلة سورية ومدرستي في سورية وأنا أرى في التلفزيون أطفال العراق وفلسطين المشردين في الخيام بلا مدرسة ولا طعام وثياب ولا أريد أن أصير مثلهم.‏

الفلاح أبو ياسين سورية هي هذه الأرض.. ورثتها أباً عن جد كل شجرة وكل شتلة أعرف من زرعها.. وأعرف نوعية ترابها.. ومن يفرط في أرضه.. يفرط في عرضه ليتركوا البلد لنا.. لا نريد من أحد شيئاً.‏

الحضارة في فجرها والمدنية‏

في مهدها كانت في سورية‏

الأستاذ جمال الأقدر مدرس مادة الاجتماعيات: في كتابنا تعلمنا أن نقول .. هنا سورية وهنا دجلة.. وهذا الفرات وحدود العالم بالنسبة لطلابنا اطار لسورية.. ونحس بها قلب الدنيا.. وهي قلبها بحق وصدق.. فهل للتاريخ قيمة اذا خلا من تاريخ سورية وهل للجغرافية.. حدود أو معالم.. إذا اقتطعت من الخريطة سورية وامتلأت صفحات كتبنا أن امتداد الوطن من المحيط إلي الخليج وكنا نراه كطائر أسطوري قلبه في سورية وصرنا جميعاً معنيين بهذا القلب الذي طعن.. وصار عصياً على التوقف.. نحن قصرنا بالدفاع عنه ولم نحافظ عليه بالشكل الأمثل.. وواجبنا ليس كلاماً أو مديحاً بل تعداه إلى الفعل والمسؤولية ومن هنا صار واجباً على كل معلم ومربٍ لهذا الجيل أن يتجاوز ذاته إلى واجباته ومسؤولياته تجاه وطنه الحب الأكبر.. وكثير من المربين والأطباء وذوي المراكز العلمية الحساسة غفلوا عن هذه القضية وأن الرخاء والسعادة والعلم والمكانة الرفعية يعود بفضله للوطن وهنا تبدأ مسؤوليتنا أن نرد جميل هذا الوطن بالحب والإخلاص .. الحب الخالص.. والعمل لأجل سعادته ووحدته فالوطن لم يعد كتاباً ولا قصيدة .. صار مسؤولية وواجباً.‏

سورية: حب راسخ‏

ومسؤولية أخلاقية‏

مديحة صالح معلمة حلقة أولى: سورية أعطتنا الكثير.. فإذا كان الوطن يحمي البيت ويهيىء المدارس ويوفر سبل العيش وامكانية الحياة.. ممثلاً بالحكومة فالبيت والمدرسة مطالبان اليوم.. برد الجميل ونحن ككادر تعليمي تربوي .. وللحقيقة فإننا قصرنا على ما يبدو في تربية الأجيال.. لأن ما نراه اليوم من استهتار لفتيان وشباب بالقوانين والأنظمة وحالة الانفلات الفوضوي.. يعني أن هناك ثغرة خطيرة تسلل منها أبناؤنا.. فحب الوطن واجب وطني وسلوك يومي كان من المفترض أن يتحلى به جيل الشباب.. وهنا صارت مسؤوليتنا أكبر من مجرد تعليم القراءة والكتابة وعلوم الرياضيات والحاسوب.. الأهم أن نعلم هذا الجيل كيف يحب وطنه.. ويعبر عن هذا الحب.. باحترام قوانينه وأنظمته والحفاظ على مؤسساته وهيئاته ومراكزه ونعلمه كيف يترجم هذا الحب.. سلوكاً وضميراً وعنفواناً وأخلاقاً.. الحب الوطني لا يكون مجرد نشيد يردد صباحاً وقصيدة تقرأ في المناسبات.. كلنا مسؤولون عما حدث في سورية.. لو لم يكن هناك تقصير وخلل في بنيتنا الاجتماعية ربما كانت الجراح أصغر والدماء أقل.. وعلى كل حال.. أنا أجد أننا سوف نخرج من هذه الأزمة وقد زالت الغشاوة عن أعين الكثيرين وخصوصاً بعض أفراد الطاقم التربوي.. وأظن أن الجميع فهم الدرس وعرف أن لا أمان في بيته ولا مستقبل لأسرته.. إذا كانت بلده غير آمنة وشعبه غير مستقر، سورية هي البيت والأسرة،‏

التربية الوطنية قبل أي تربية‏

د. ضحى عبود (أستاذة إرشاد نفسي) بجامعة دمشق: إن ما حدث يضعنا جميعاً أمام سؤال كبير.. أين ذهب الحب لهذا البلد في ظل الأحداث..؟‏

ويكمن الجواب في أن أهمية الحب تكون بتجسيد هذه العاطفة النابعة من القلب تجاه الوطن وأبنائه.. والإخلاص لهذا العشق عبر التزامنا وصدقنا في تعاملنا مع بعضنا حيث تعجز الكلمات والمعاني وتخجل في التعبير عن هذا الحب وسورية يجمعها الحب بين كل فئات المجتمع، والحب عندنا لا حدود له ونحن نمارسه بمعانيه ودلالاته وهو وطن شاسع أرضاً متعدد الأطياف والأعراق والأديان وهنا لا بد أن تتيقظ الأسرة السورية لتربية أبنائها على حب الوطن وخصوصاً في هذه الظروف التاريخية الخاصة من حياة الشعب السوري وأن يتشارك أفراد الأسرة جميعاً مشاركة إيجابية.. لتربية الأبناء تربية وطنية تمضي معهم منذ مولدهم وترافق سني حياتهم القادمة وكما أن البيت هو مكان للإنسان فيه طعامه وشرابه ومسكنه، فالوطن بيت فيه الهوية والعمل.. والمواطنة فالوطن هو البيت والبيت هو الوطن الأمر الذي يؤكد وحدتهما الكاملة.. فإذا كانت التربية الاجتماعية والأخلاقية والرياضية ضرورة، فالتربية الوطنية تشمل كل هذه القضايا والمعاني وتنظم جميع ما في هذه المفردات من قيم.. فالوطن فوق الجميع ويجب أن يكون فرضاً من الفروض (حب الوطن من الإيمان).‏

وطن كل الأطياف‏

وبعد.. إذا كان الوطن هو شجرة الزيتون وشتل الليمون وعش الطائر.. ولعبة الطفلة ودراجة الولد.. وهو اللقمة والشربة والهواء والنفس وخفقة القلب ورمشة العين وإذا كان هو كل شيء.. فهذا يعني أنه مرادف للحياة.. دخلنا مدرسته وتعلمنا فيها الحب والصبر والقوة.. وإذا كانت فروض الإسلام خمسة فإننا وجدنا في سورية فريضة حب الوطن في كل دروس الدين والتاريخ والجغرافية والمنطق والحساب.. لأنه هو التاريخ نفسه وهو الحضارة ذاتها وهو الوجود عينه.. لأن سورية بيتي وأسرتي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية