والدليل الإجراءات التي باتت تلك الدول تتخذها في الآونة الأخيرة تحسباً لهجمات محتملة قد ينفذها التنظيم المذكور على أراضيها.
الأمر في علانيته يبدو للمتابع على هذه الصورة، لكن في حقيقته غير ذلك، لأن أميركا ومنذ اكتشافها عام 1492 على يد كريستوفر كولوموبس لم تهب العالم إلا الحروب والدمار ولم تهده سوى الآلام، وعوّدت الشعوب على ألا ينبت الكلأ من بعدها، إذ أن مصلحتها فوق أي اعتبار، والدليل تصريح رئيسها باراك أوباما في رسالته إلى الكونغرس، والتي برر فيها سبب تلك الضربات، قائلاً: « إن سقوط سد الموصل قد يعرض حياة الموظفين الأميركيين ومرافق الولايات المتحدة للخطر، كما أنها تصب في مصلحة الأمن القومي والسياسة الخارجية للبلاد».
فأوباما إذاً لم يزعجه أو يحرك في وجدانه الميت أصلاً أياً من الجرائم التي ارتكبها تنظيمه الإرهابي بحق المدنيين في الموصل وتهجير المسيحيين، ولم يؤثر في ضميره الغائب والمدفون في النفط القطري السعودي المجازر التي يرتكبها المتطرفون التكفيريون في سورية ويزهقون عبرها الأرواح ويسفكون الدماء دون أي وازع أخلاقي أو محاسبة من المجتمع الدولي الذي يكتفي بالتنديد حيناً والصمت حيناً آخر، لأن جلّ همّه ابتلاع المزيد من المال الخليجي المسلوب من قوت الشعوب، فضلاً عن أن حالة الإفلاس واليأس التي يعانيها لفشل مشروعه في المنطقة، والإفلاس الاقتصادي الذي تعانيه بلاده يدفعه للبحث عن ساحات للقتال لتصريف منتجاته الضخمة من السلاح.
زيادة على ذلك لم تتوان أميركا وحلفاؤها لحظة عن فكرة تقسيم الدول في المنطقة، وجعلها محميات على النموذج القطري يسهل السيطرة عليها، وجرها إلى مصيرها المجهول، هذا إذا لم تفكر بالانتقام رداً على الهزيمة التي تواجهها عصاباتها في الحواري والمناطق السورية على اختلاف مشاربها وانتماءاتها.
الضربة الأميركية لمعاقل« داعش» في العراق متعددة الأهداف والنيات، في ظل التعالي والسمو الذي تحققه درة التاج سورية في معركتها ضد التطرف، وفي ظل اهتزاز صورة بعض العروش الملكية والأميرية والمشيخية.