والهدف منه كماتدعي السلطات الإسرائيلية استمرار الفصل بين المستوطنين اليهود والسكان العرب لتؤجج تلك المشاريع الخلافات بين أديرة مسيحية متاخمة لجدار الفصل الإسرائيلي يقيم فيها رهبان وراهبات وبين السكان الفلسطينيين المتضررين من الجدار.
تتجمع كل يوم جمعة حشود من الفلسطينيين حول عدد من رجال الدين المسيحي لإقامة الصلوات والتراتيل في الهواء الطلق وذلك في رحاب بستان تابع لإحدى الأديرة المنتشرة في بيت جالا وضواحيها وتفترش البستان المذكور تتابع «ستيوارت» أشجار زيتون خضراء تتخللها رايات وإعلام فلسطينية ترفرف فوق أغصانها وسرعان ماتنطلق تلك الحشود لتشكل تظاهرة سلمية حول تلك التلة الفلسطينية وتقع على بعد أميال معدودة من بيت لحم وقد تحولت إلى مسيرة صامتة يرافقها رجال مسيحيون ورهبان احتجاجاً علي قيام السلطات الإسرائيلية بتشييد هذا الجدار الفاصل الذي سيتجاوز طوله 500ميل ليخترق تلك الأراضي الفلسطينية وسيؤدي هذا المشروع الذي تنفذ إحدى مراحله حالياً إلى تجزئة بيت جالا البلدة المسيحية التابعة إدارياً للسلطة الفلسطينية في بيت لحم وبالتالي تقسيمها وعزل منازل المزارعين الفلسطينيين عن أراضيهم وعلى مسافة أقل من ميل من هذه الأراضي الزراعية يقع دير حجارته لبنية يحتضن نساكاً رهبانية أسسها الإيطالي«دونبوسكو» عام 1859 تحمل اسم «دير الساليزيين » ويعيش هؤلاء النساك حياة رعوية في ظلال تلة تغطيها أشجار الكرمة ويقطن منطقة بيت جالا سكان فلسطينيون من الذين يدينون بالمسيحية وتسعى السلطات الإسرائيليةلضم هذا الدير إلى مناطق نفوذها بموجب اقتراح تقدمت به تل أبيب إلى الكنيست الإسرائيلي إلى مشاريعها لقضم الأراضي الفسلطينية بعد أن يتم فصل هذا الدير عن بلدة بيت جالا عن طريق بناء جدار يبلغ طوله ثمانية أمتار بموازاة /740/متراً فوق أراضي تلك البلدة وذريعة الحكومة الإسرائيلية هنا هي إكمال مشاريع استيطانية توسعية في المستقبل ولاستقبال سكان يهود جدد وبذلك تصبح أكثر من 50 أسرة فلسطينية تملك أراضي زراعية في بيت جالا عاجزة عن الوصول إلى ممتكاتها ومزارع أشجار زيتونها هذا بالإضافة إلى حرمان المسيحيين من تلك المنطقة والذين يتولون إدارة روضة للأطفال من الوصول إلى أماكن عملهم في تلك المناطق حيث يشرفون على مدارس تابعة لأديرتهم.
وهكذا يناضل كل من فلسطينيي بيت جالا والمسؤولين عن أديرتها المسيحية من أجل تغيير مسار المحاكم الإسرائيلية حول قضايا تتمثل بالاستيلاء على ممتلكاتهم بحججها الواهية مع فرض السطات الإسرائيلية بالقوة الجدار العازل علماً أن فرص الفلسطينيين ضئيلة لكسب أي من الدعاوى المتعلقة بهذا الموضوع عندما ستعقد محكمة إسرائيلية جلستها الشهر القادم وستصدر قرارات قضائية خاصة بهذا الشأن.
وينتاب رجال الدين المسيحي الفلسطينيون من أصحاب الرتب الرفيعة شعور بالمؤامرة نتيجة عدم مشاركة المقيمين في الدير المذكور تظاهراتهم ومسيراتهم السلمية بعد أن وجهت اتهامات لهؤلاء النساك بالوقوف إلى جانب الإسرائيليين رغماً عن إرادتهم بهدف البقاء على مقربة من جدار الفصل العنصري في بيت جالا حيث نقاط التفتيش الإسرائيلية ومواقع تلك القوات التي تتحكم بمخارج ومداخل البلدة ألا يعتبر هذا الممر طريق عبور الإسرائيليين إلى الأسواق الخارجية ومفتاح فك عزلة مستوطنتهم جيلو المجاورة للمكان؟ ففي الثمانينيات من القرن الماضي وطأت لأول مرة أقدام نساك هذه الرهبانية تلك المنطقة الفلسطينية لتعمد إدارة الدير الذي يمتلكه هؤلاء الرهبان التابعون للفاتيكان إلى شراء أراضٍ أخرى من المنطقة مقابل مبالغ زهيدة من الأموال بهدف تشييد ميتم إلا أن فكرة الأيتام تلك لم تعد اليوم قائمة وقد تزعم هؤلاء النساك «الساليزيين» كما يدعون ويقيمون على بعد ميل من الطريق المنحدرة باتجاه بيت جالا منذ 2006 حملة تهدف إلى تغيير هذا الجدار الفاصل لتربح الرهبانية القضية ويصبح لها الحق في البقاء داخل الضفة الغربية.
ويعلق سعدي قاسي ويبلغ من العمر 27 عاماً ويقيم على تخوم دير النساك المذكور قائلاً: يرغب هؤلاء الرهبان والنساك الأجانب الانتقال إلى داخل حدود الكيان الإسرائيلي عوضاً عن الضفة الغربية لذلك يتوجب عليهم دعم السكان الفلسطينيين المسيحيين وليس إجبارهم على الخروج من تلك المنطقة حيث ولد هؤلاء الفلسطينيون ونشؤوا وترعرعوا وقد أنكر القائمون على الدير المذكور الادعاءات ليصروا أن مسار هذا الجدار مرتبط بقرار سياسي ليصبح الموضوع خارج نطاق صلاحيتهم ولاعلاقة للدير بمشاريعهم فقرار تشييد الجدار العازل قرار اتخذ بشكل أحادي الجانب أي من قبل الحكومة الإسرائيلية وفرض بشكل مخالف للقانون الدولي فنحن يتابع الرهبان لانتخذ أي ذريعة لها علاقة بتشريع استخدام الإسرائيليين للقوة والإساءة للفلسطينيين فالأمر يعود في نهاية المطاف يضيف محامي النساك الأجانب للسلطة الفلسطينية التي تناهض مشروع بناء جدار الفصل العنصري رغم تشييد إسرائيل لهذا الجدار منذ عام 2003 وعلى مراحل الأمر الذي دفع الفلسطينيين لاتهام الحكومة الإسرائيلية بالتلطي وراء الدواعي الأمنية لقضم مزيد من أراضي الضفة الغربية التي استولت عليها القوات الإسرائيلية عام 1967 إذ يتوضع 12٪ من سكان الضفة الغربية الفلسطينيين عند الجانب الإسرائيلي من الجدار الفاصل وضمن هذا السياق تتساءل وجيهه قنطار البالغة ثمانين عاماً هل ترسيخ الأمن يعني سلب أراضي وأشجار ومنازل الآخرين؟ هل هذا هو الأمن الإسرائيلي ؟ علماً أن عائلة وجيهه ستخسر 4000متر مربع من أراضيها الزراعية نتيجة الجدار الفاصل.
هذا وقد شيدت مستوطنة «جيلو» فوق أراضٍ احتلها الإسرائيليون قبل 45 عاماً من الآن لتصنفها إسرائيل ضاحية تابعة للقدس لكن المجتمع الدولي يعتبر جيلو مستوطنة غير شرعية وحالما يتم الانتهاء من بناء الجدار سوف ترتبط جيلو مباشرة مع « حار جيلو» وهي مستوطنة إسرائيلية جديدة تمتد على تخوم بلدة بيت جالا بينما يتم تقسيم المنطقتين حالياً عبر نقاط تفتيش إسرائيلية إلى مربعات أمنية.
وقد صرح الأب إبراهيم خوري رعية بيت جالاويتزعم الحملة الاحتجاجية التي تنظم أسبوعياً في بستان زيتون متاخم للدير المذكور آنفاً قائلاً: ليس ثمة تهديد أمني فلسطيني تواجهه القوات الإسرائيلية أو رهبانية الدير على امتداد السنوات الثلاث القادمة، إذ تنصب الجهود الفلسطينية اليوم على اعتماد الأساليب السياسية بدلاً عن اللجوء إلى استخدام الأسلحة هذا في حين أقرت السلطات الإسرائيلية على أن طريق الوصول إلى الدير ستبقى دون أي تغيير بينما ينتاب الخوف فلسطينيو المنطقة جراء عمل الحكومة الإسرائيلية للحيلولة دون وصول هؤلاء الفلسطينيين إلى ممتلكاتهم ومزارعهم وبساتين زيتونهم في بيت جالا وضواحيها...