وتظهر كذلك مدى دعمها المطلق للكيان الصهيوني في توسيع رقعة احتلاله, وإقامة «دولته اليهودية» الصرفة على كامل التراب الفلسطيني, ومساندتها له فيما بعد لاستكمال مخططه بأن تكون حدود تلك «الدولة» المزعومة من الفرات إلى النيل, كما يتوهم وفقا لإيديولوجيته العنصرية .
المثير للسخرية أن تلك الدول تعتبر أن المفاوضات هي السبيل الوحيد لحصول الفلسطينيين على دولتهم المستقلة, متجاهلة أن التجارب الماضية على مدى عشرين عاما أثبتت فشلها, ولم تقدم تلك المفاوضات أي شيء ملموس للشعب الفلسطيني, بل سلبتهم كل حقوقهم, وأن الرعاية الأميركية غير النزيهة أطلقت العنان لحكومة الاحتلال لتوسيع المستوطنات, وتقطيع أوصال الضفة, والاستيلاء على المزيد من الأراضي, وفرض الكثير من القيود والإجراءات العنصرية التي تمهد لتهويد القدس المحتلة, وكل ذلك للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة .
الأغرب من ذلك أن الولايات المتحدة وفي مقابل تهديدها ووعيدها للفلسطينيين لمنعهم من الذهاب للأمم المتحدة, فإنها لم تجهد نفسها بتقديم أي ضمانات يمكن أن تقنعهم بجدوى الانتظار والعدول عن خطوتهم تلك, وحقيقة الأمر أنها تريد من الفلسطينيين أن يتفاوضوا مع حكومة الاحتلال كشعب خاضع لها, وليس كدولة مستقلة ذات سيادة ومعترف بها من الأمم المتحدة, وهي تدرك أيضا أنها لم تستطع فرض رؤيتها وشروطها على نتنياهو وهي في عز قوتها, فكيف الحال الآن اذا وهي غارقة في أزمتها المالية, و منشغلة بكيفية توسيع حروبها في المنطقة, ومقبلة على انتخابات رئاسية تتطلب بالدرجة الأولى استرضاء اللوبي الصهيوني .
لا شك أن قرار التوجه للأمم المتحدة قد كشف النيات الحقيقية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بعدم وجود أي نية أو رغبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس, وان كل الوعود السابقة كانت مجرد غطاء يعطي إسرائيل المزيد من الوقت لتوسيع رقعة الاستيطان والاحتلال, ويمنحها الفرص الكافية للعمل على إنهاء الوجود الفلسطيني, وطمس هويته العربية والإسلامية ومحوها من ذاكرة التاريخ, وبالتالي تثبيت الكيان الغاصب على أرض ليست له, ولكنها تتناسى في الوقت نفسه أن الحقوق لا تسقط بالتقادم, وأن الحق لا يموت ما دام وراءه مطالب.
nssrmnthr602@gmail.com