وكانت دمشق السباقة عربيا إلى استضافة المهرجانات العالمية, وشهدت دمشق عدة محاولات لإقامة المهرجانات السينمائية لو أتيح استمرارها لكان مهرجان دمشق السينمائي الأقدم على مستوى العالم الثالث, بل سبقت المحاولة المهرجانية الأولى في دمشق مهرجانات عالمية في أوروبا وآسيا.
كانت أول تجربة مهرجانية سينمائية في إطار معرض دمشق الدولي عندما رغبت إدارته بإقامة عروض وحفلات فنية, وشهدت الدورة الثانية للمعرض مهرجان السينما العالمي وافتتح في الثامن من أيلول عام 1955 واستمر حتى نهاية الشهر,وأقيمت عروض الأفلام في الهواء الطلق في الموقع الذي تشغله دار الأوبرا الآن,وشهد إقبالا كثيفا من زوار المعرض.
وحفز نجاح عروض المهرجان على إقامة المهرجان في الدورة الثالثة للمعرض,فأقيم في نطاقها المهرجان السينمائي الدولي الثاني,وافتتح المهرجان مساء التاسع من أيلول1956في صالة الفردوس واتخذ صفة رسمية فأقيم برعاية رئيس الجمهورية واعتبر أول مهرجان سينمائي متكامل على مستوى العالم الثالث يقام في الدول المستقلة حديثاً واشرف عليه المخرج صلاح دهني, وشاركت فيه ثلاث عشرة دولة منها مصر والاتحاد السوفييتي وبريطانيا والصين وألمانيا والهند,وبلغ عدد الأفلام المشاركة واحدا وعشرين فيلماً طويلاً وثلاثين فيلماً قصيراً.
والشيء بالشيء يذكر شهد المعرض في هذه الدورة أيضا عروضا للسينراما ( السينما المجسمة) للمرة الأولى والأخيرة في المنطقة العربية.
وما لبثت إدارة المعرض أن اتخذت موقفاً سلبياً من تبني المهرجان ولم توافق على استمراره برعايتها,والسبب أن بعض (العواينية) صوروا للجهات المعنية أن هذا المهرجان سيكون نافذة للشيوعية,بسبب اشتراك عدد كبير من دول المعسكر الشرقي فيه, وكانت الشيوعية كلمة مرعبة في ذلك الوقت.
وانتظر عشاق السينما ثمانية عشر عاما ليقام في نيسان من عام 1972 مهرجان دمشق الدولي الأول لسينما الشباب العرب,وكانت التجربة الأهم بالنسبة للمحاولات السابقة لكنه كان الأول والأخير من نوعه.
و تبنت وزارة الثقافة المهرجان السينمائي وانطلق بصيغته الجديدة في عام 1979 ليقام مرة كل عامين ويستمر دون انقطاع وانتقل منذ أربعة أعوام من مهرجان لقارات آسيا وأميركا اللاتينية إلى مهرجان دولي يجمع على أرض سورية كل أفلام العالم,كما انتقل من بينالي يقام كل عامين إلى مهرجان سنوي وابتدأت إقامته السنوية اعتباراً من دورة هذا العام.