التي أسست لكل ما من شأنه تقسيم العراق منذ الغزو عام 2003 وصولا إلى إطلاق مشروع الفوضى "الخلاقة" وما يسمى الشرق الأوسط الجديد إبان إدارة بوش ووزيرة خارجيته كوندا ليزارايس.
فالقاعدة التي لم تجد لها شواذا حتى الآن هي أن كل منطقة تدخلها واشنطن سياسيا أو عسكريا يكون نصيبها الفوضى والحرب، ومن ثم وضعها على طاولة التقسيم، فمشروع تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات طائفية وعرقية هو بالأصل مشروع أميركي أعده النائب الديمقراطي جو بايدن عام 2006 تمهيدا للانسحاب الأميركي، وأما التدخل الأميركي غير المشروع في شمال شرق سورية ودعم مليشيات كردية مسلحة انفصالية هو دفع باتجاه التقسيم، ولا يختلف اثنان ـ حتى لو كان ترامب أحدهما ـ أن داعش الذي ينهار حالياً هو محض صناعة أميركية لفرض خرائط جديدة في المنطقة بديلا لسايكس بيكو.
وبمقتضى ذلك لم يعد وارداً في أي مقاربة سياسية أن يكون استفتاء البرزاني ـ الذي حظي بدعم صهيوني واضح فضحه رقص نتنياهو وحكومته فرحاً ـ قد تم دون موافقة الحليف الأميركي، ولواشنطن الخبيثة أساليب عديدة لزيادة الغموض وعدم اليقين بشأن ما يجري، كي لا تضطر لتقديم التزامات أو تنازلات ليست مضطرة لتقديمها، والدلائل تؤكد أن التغول الصهيوني في شمال العراق وشراء الأراضي جرى تحت أنظار الاحتلال الأميركي وبرعايته.
إذا التقسيم في المنطقة هو مخطط أميركي، وهذا ما يعترف به الكثيرون وعلى رأسهم طاغية تركيا أردوغان الذي استشعر متأخرا خطورة ذلك، فانبرى للتحذير والتهديد دون الإقرار بأن نظامه قد ساهم بهذا المخطط عن سابق إصرار لتوهمه بأن في ذلك مصلحة لنظامه، ليكتشف لاحقا أنه أول المتضررين.
أما المتضرر الثاني فهم بلا شك الانفصاليون الأكراد الذين قادهم لاوعيهم السياسي لتوهم أن فكرة الانفصال تحقق مصالحهم، فإذا بهم أمام سيناريوهات خطيرة قد تطيح بهم وبأحلامهم..!