إذ نجد أن حجم التجارة البينية العربية وبعد سنوات من نفاذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لايزال متواضعاً ولم يزد على 6٪ فقط من مجمل التجارة الخارجية.
وغني عن البيان أن مؤشرات أحجام التبادل البيني لم تستقر على مستويات محددة فهناك سنوات يرتفع فيها المؤشر كما حصل عام 2008 حيث كانت التجارة العربية البينية في حدود 11٪ من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية مقارنة بأكثر من 50٪ في الاتحاد الأوروبي و 25٪ في دول رابطة منتدى التعاون لمنطقة آسيا والمحيط الهادي.
الخريطة الإماراتية
سنحاول تسليط الضوء على حراك رسمي عربي لتجسير الهوة بين الدول العربية على الأقل اقتصادياً وذلك من خلال اجتماع وزراء المالية العرب الذي عقد مؤخراً في إمارة أبو ظبي لمناقشة التحديات الاقتصادية والمالية الراهنة التي تواجه الدول العربية في ظل التطورات الاقتصادية الدولية والأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية فقد تمت مناقشة مبادرة أبو ظبي لإعادة هيكلة الاقتصادات العربية وتنميتها وتشمل تلك المبادرة «آليات التنفيذ والمتابعة وهي تضمن تلبية الاحتياجات المعيشية والغذائية بالمنطقة في الوقت الذي يعد فيه تحقيق الأمن الغذائي أحد أكثر المتطلبات الرئيسية على الساحة الدولية».
استراتيجية للأزمات
وتأتي هذه المبادرة لتطرح استراتيجية للتعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة والتغيرات السياسية والاجتماعية التي يشهدها العالم العربي وتأثيرها في الوضع الاقتصادي في المنطقة.
وبذات الوقت ركز المجتمعون على كيفية وضع آلية لتنسيق السياسات الضريبية بين الدول العربية لتعزيز سبل الاندماج الإقليمي ومراجعة ما يتطلب من دعم لتنشيط حركة التجارة البينية العربية ناهيك عن تطوير السياسات المالية العربية.
وبالعودة إلى الحراك الرسمي العربي فإن اجتماع أبو ظبي الاستثنائي تمخض في بيانه الختامي عن جملة توصيات تنفيذ بعضها أو كلها كفيل بأن يمنح العمل العربي المشترك دفعة قوية إلى الأمام حيث أكد البيان أنه بينما تكمن الأولوية على المدى القصير في معالجة الجوانب الاجتماعية الطارئة مع العمل في الوقت نفسه على المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي فإن الأولويات على المديين المتوسط والبعيد متعددة الجوانب من حيث التوجهات والسياسات الاقتصادية ويتطلب ذلك تعزيز متطلبات التعاون والاندماج الاقتصادي والمالي بين الدول العربية بما يساهم في زيادة جذب الاستثمارات البينية والأجنبية المباشرة اللازمة لتوسيع فرص النمو المنشودة إلا أن البيان أكد مسألة حماية الاستثمارات وضرورة وجود تشريعات واضحة في هذا الشأن.
الآليات المناسبة
وأكد أيضاً أهمية وجود الآليات المناسبة للتعاون والتنسيق الضريبي من خلال دعوة لمناقشة الآليات اللازمة بغية تقديمها في الاجتماع القادم.
وأشار المجتمعون إلى أهمية الحد من التهرب الضريبي والنظر إلى إمكانية انضمام الدول العربية إلى المنتدى الدولي لتبادل المعلومات والشفافية بشأن الضرائب التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وبين الوزراء الحاجة لتطوير البنى التحتية والإنتاجية للمنطقة العربية وأكدوا تعزيز الاندماج الإقليمي ومتطلبات دعم التجارة والاستثمار المباشر العربي البيني إضافة إلى وضع استراتيجية مشتركة في مجال الأمن الغذائي والتنسيق بشأن الحلول المناسبة كلما واجهت الدول العربية نقصاً كبيراً في الكميات وارتفاعاً حاداً في الأسعار العالمية للأغذية.
ويضاف إلى ماسبق من توصيات أن ثمة إجماعاً من وزراء المالية العرب على دعم المبادرة التي تقدمت بها الإمارات العربية المتحدة لدعم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة العربية حيث اتفق الجميع على تحقيق المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية بمشاركة من المؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية.
وأكدوا أهمية ما جاء في مبادرة الإمارات من أفكار ومبادرات سواء فيما يتعلق بتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتطوير النظام المالي وما يخص تحسين مناخ الأعمال ودعم التجارة البينية وكذلك تعزيز متطلبات الأمن الغذائي العربي إضافة إلى متابعة مشروع إنشاء آلية إقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية.
كما شددوا على أهمية وجود آلية واضحة للتنفيذ والمتابعة حيث دعوا لبحث الأمر في الاجتماع القادم للمجلس وحثوا المؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية للمساعدة على دعم نجاح المقترحات والمشروعات الواردة في «عرض الإمارات» وضرورة وجود معالجة أكثر شمولية لمشكلات البطالة جراء الأحداث والأزمات التي تشهدها بعض الدول العربية مع الحاجة إلى إعادة النظر في تطبيق بعض سياسات التنمية المستديمة وخلق فرص العمل لجميع شرائح المجتمع مؤكدين أن معالجة ذلك يتطلب انتهاج سياسات هيكلية متعددة الأوجه على المدى القصير والمتوسط نحو مزيد من الإصلاحات الكفيلة للوصول إلى نمو أوسع ينعكس في تحسين المستويات المعيشية لمختلف الفئات والطبقات وخلق مزيد من فرص العمل المطلوبة.