لكن أهمية الموضوع تنبع من كون هذه المرأة التي صدعت بقول الحق واختارت مجاورة الحقيقة هي امرأة تنتسب الى تلك الدولة التي تعلن بمناسبة وغير مناسبة انحيازها الأعمى ودعمها المطلق للكيان الصهيوني الذي اغتصب الحقوق وحرق الأراضي وهجر سكانها الأصليين.
إنها مسؤولة أميركية زالت الغشاوة عن عينيها ووقفت في حديقة الحقيقة تستنشق نسيمها العليل فبدت لها الأمور واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار,فعرفت أن اللوبي الصهيوني لن يستطيع مهما أوتي من جبروت أن يطمس معالم الحقيقة الى أجل غير مسمى.
وربما يتساءل بعضنا من أين امتلكت تلك الجرأة لتعلن ما أعلنته ليس بملء فمها بل ثبتت ذلك على موقعها الالكتروني لتثبت أمام الملأ أن حبها للحق والحقيقة يجعلها قادرة على تخطي حاجز الخوف من الأصابع اليهودية المطبقة على خناق السياسة في الولايات المتحدة الأميركية.
وبصرف النظر عن الدوافع والأسباب التي جعلتها تختار الحقيقة لتقيم معها علاقة مبنية على احترام الذات والصدق مع القلب والضمير والتعامل مع الواقع كما هو قائم,فإن الأمر الذي يجب أن يستفاد منه هو أن هناك سياسيين في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الخاضعة لنفود اللوبي الصهيوني قادرون على الخروج من شرنقته الخانقة وكشف خفايا وكواليس السياسة الأميركية التي تصر على الدعم اللامحدود لإسرائيل ولأن المسؤولة الأميركية تعرف أن إسرائيل من خلال أزلامها المتنفذين في دوائر صنع القرار داخل الإدارة الأميركية لن تدعها وشأنها بل ستبادر الى فتح باب من أبواب جهنم عليها فقد أثرت الحسنى ووجدت نفسها مضطرة الى تقديم الاستقالة متفادية كما قالت التصعيد والجدل حول مواقفها.
إن تحليل كلمات المسؤولة الأميركية يقدم مفتاحاً يمكن به فتح مغاليق الكثير من الألغاز التي تلف عملية السلام في المنطقة وهي مغاليق اسرائىلية الصنع بامتياز لقد تحدثت عن رغبة المجتمع الدولي في التوصل الى السلام في الشرق الأوسط. وهذه المسألة لا يجادل فيها أحد,فالأسرة الدولية تعرف أن ملف السلام المنشود في الشرق الأوسط أصبح مصفر الأوراق من طول تقادم العهد به,وبات هذا الملف قادراً لثقله على تحطيم طاولات المنظمة الدولية بما حمله من قرارات تتضمن دعوة إسرائيل الى الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها بالقوة واعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وكانت اسرائيل على الدوام تعلن استخفافها بهذه القرارات وتدير ظهرها لها,مصرة على ارتكاب المخالفات الجديدة التي تقابل بادانات متتابعة من المجتمع الدولي ترد عليها إسرائيل بالتجاهل واللامبالاة. وتحدثت عن أصحاب الأراضي المحتلة ورأت أنهم العرب وهي بذلك تحترم التاريخ بوقائعه الثابتة التي لا تستطيع إسرائيل أن تمس نقاءها وطهارتها من قريب ولا من بعيد,فلم تعبأ بتلك المقولة الكاذبة التي تتحدث عن أرض الميعاد,وهذه الأراضي محتلة احتلتها إسرائىل بالقوة المسلحة مستفيدة من دعم القوى الاستعمارية التي أرادت زرعها خنجراً مسموماً في قلب الأمة العربية.
والضرب مباح لدى هؤلاء الصهاينة إذا اشتموا رائحة الخطر أو التهديد تقترب من مصالحهم,الضرب من فوق الحزام أو من تحت الحزام فمصالحهم قبل كل شيء ولها الأفضلية وولاؤهم لإسرائىل وليس للولايات المتحدة الأميركية التي يأكلون خبزها ويشربون ماءها ويستظلون بسمائها. مثل هذه المواقف لبعض الساسة الأميركيين الذين يؤمنون أن الباطل كان زهوقاً وأن الحق منتصر عليه لا محالة يجب أن تحظى باهتمام الإعلام العربي ويجب ألا تمر مرور الكرام لأنها شهادات ذات قيمة تاريخية كبيرة وسيحاول الإعلام الغربي الخاضع لتأثير الصهيونية العالمية أن يتعامل مع هذا الخبر باهمال لأنه يكشف حقيقة إسرائىل العدوان والاغتصاب ومعاداة الشرعية الدولية.
إن الوقائع تثبت يوماً بعد يوم أن إسرائىل بسلوكها العدواني عقبة كأداء في طريق السلام, وإن كانت تكذب على نفسها وعلى الآخرين عندما تزعم أنها لا تمانع في اقامة السلام مع العرب,لكن العالم بات يعرفها على حقيقتها. وفي الأحوال كلها فإنها لن تستطيع تحدي هذا العالم الى ما شاء الله وستجد نفسها يوماً ما مكرهة على اعادة الحقوق الى أصحابها الذين لن يتنازلوا عن هذه الحقوق مهما امتد حجم الزمن طولاً وعرضاً.