سألته عن أسماء بعض الأدباء السوريين ومنهم زكريا تامر، ومدى معرفة الجمهور العربي المغاربي به، فأجابني على الفور ودونما تردد، أن تامر من الكتّاب العرب المحبوبين جداً في دول المغرب العربي عموماً وفي الجزائر على نحو خاص. وكان يتكلم عنه (وهو الروائي المعروف) بكونه واحداً من المعلمين والمرشدين للأجيال الأدبية العربية منذ ستينيات القرن الماضي وما يزال.
ليل الثلاثاء الماضي عاد الطير الدمشقي المهاجر إلى عشه في إقامة قد تستغرق ثلاثة أشهر، وخصني في اليوم التالي من وصوله باتصال هاتفي يعلمني فيه بوصوله إلى دمشق، وهو أمر طالما أسعدني كلما قدم إلى دمشق.
والسهرة مع المعلم زكريا تامر فيها الكثير من الفائدة والمتعة، ولعل الإنصات إليه هو الفعل الأقوى والأمضى من الحديث، ففي كلامه حكايات نادراً ما تسمعها من غيره، فما بالك بالأسلوب الذي يرويها فيه، وهو الحكواتي الذي أسر مخيلتنا وما يزال بقصص فيها من البساطة بالقدر الذي فيها من العمق، وبذلك يكون زكريا تامر قد حقق المعادلة الصعبة التي ما يزال الكثير من الأدباء العرب يبحثون عن أدوات القدرة على تحقيقها.
في السهرة الجميلة تلك، ليل الخميس الماضي، روى لي أستاذي زكريا حكاياته الجميلة والمؤلمة مع مجلة أسامة ومجلة المعرفة والموقف الأدبي، وقصص البقاء والصراع بين زملاء المهنة والرقيب، وكان في حديثه دقيقاً في التواريخ والأسماء والأمكنة والأحداث، وهو الرجل الذي يودع بعد نحو سنتين عقده الثامن، ومع ذلك فهمّته تفوق همة الشباب وكأنه في الثلاثينيات من عمره، ليس في حضوره النشط الطاغي فحسب، وإنما في علاقته الطازجة مع الكتابة ورؤيته المتجددة إليها.. حفظ الله أديبنا الكبير وأدامه للأدب ولمحبيه جميعاً.
ghazialali@yahoo-com