ونختلف مع بعضهم على أسبابها وأطرافها وأهدافها وأدواتها،.
وعلى مصداقية أصحاب النصائح التي توجه إلينا إذ من المؤكد أن الجهات التي تقدمها ليست حسنة النية ولا مؤهلة لتقديمها سياسياً وديمقراطياً ولاعربياً ولا إقليمياً ففاقد الشيء لا يعطيه.
نعم ... الأزمة موجودة وأسبابها عوامل خارجية وبتعبير آخر.. «أطراف خارجية » معروفة بإدارتها لصراع طويل الأمد على سورية، فالأزمة في سورية نتاج مؤامرة كبيرة يشارك بحبك خيوطها خارجياً وداخلياً أطراف عديدة لتأخذ أبعاد مؤامرة دولية..
وبتعبير قديم جديد «إنه الصراع على سورية» كما يقول باتريك سيل.
فرنسا، بريطانيا، أميركا، «إسرائيل» وتذكروا تركيا التي استعمرت العالم العربي ووضعته في قمقم أسود أكثر من أربعمئة سنة بذريعة حماية المسلمين، فالتهمت الإسلام والمسلمين وباعتهم في سوق النخاسة، باعت مصر لبريطانيا وباعت المغرب العربي لفرنسا وعندما فكر محمد علي باشا النهوض بالأمة تلاقت عليه سيوف الدولة العثمانية مع سيوف بريطانيا وفرنسا وهاهي تلتقي معهما اليوم على سورية لأنها دولة مقاومة.
-2-
على الرغم من علو لهيب نار المؤامرة الدولية وكثافة دخانها الأسود وتنقل أحداثها من مدينة حدودية إلى أخرى وعلى الرغم من هذا الضخ الإعلامي الهائل لمحطات ووسائل إعلامية عربية وإقليمية وغربية وأميركية وصهيونية التي تعمل على التشويه والتضليل والتضخيم وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والإثنية، فقد ظل السوريون متماسكين وموحدي الرأي والموقف وأنا على يقين أن المؤامرة ستنهزم سريعاً وأن الجهات التي تحرض وتحرك وتمول وتقدم السلاح للمجرمين القتلة وتثير غبار الكذب والدجل والتحريض عبر الوسائل الإعلامية وفي كثير من المحافل السياسية الدولية والإقليمية ستنكفئ خاسئة خاسرة.
-3-
لا غرابة.. في أن يكون أبطال مؤامرات الماضي، أبطال مؤامرة الزمن الحاضر وبالأساليب والأهداف التي كانت والتي تقوم على التهديد بالعدوان والحصار والعقوبات الاقتصادية والسياسية وسحب السفراء وحتى في تحرك السفير الأميركي في الداخل السوري للاجتماع بجماعات المؤامرة والتحريض على استمرار التظاهر والقتل، مشهد تكرر مرات ونقرؤه في التاريخ السوري مرات ومرات، نذكر بعضه في خمسينيات القرن الماضي في ظل رئاسة ايزنهاور وكانت الأطراف الإقليمية المتفاعلة مع المؤامرة هي نفسها اليوم.. كثيرون يذكرون كيف راح السفير الأميركي خلال حرب عام 1967 يجول في المدن السورية ويلتقي شخصيات سورية لبعضها ارتباطها المعروف بالمستعمر ويحرضها على مواجهة القيادة السورية المنشغلة بالذوذ عن حياض الوطن وفي الوقت نفسه كانت جهات عربية تدفع بفارين وسياسيين سوريين للانقضاض على دمشق وإسقاط النظام.
14-
في الذاكرة القريبة للسوريين.. أحداث عام 1980-1982..
فالأطراف التي تحتضن اليوم جماعات القتل، كانت احتضنتها وغذتها بالسلاح والمال والحماية ودفعت بها لضرب استقرار سورية السياسي والاقتصادي عبر قتل العلماء والأطباء والعسكريين وحرق المنشآت الاقتصادية والخدمية..
والأسباب واحدة في الثمانينات كانت معاقبة سورية لأنها رفضت «اتفاقيات كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل والتي شكلت تصفية للقضية الفلسطينية وتهديماً لانتصارات تشرين التحريرية عام 1973.
واليوم تعاقب سورية لأنها تواجه مشروع الاستسلام العربي الكبير..
ما يبرهن على أن جذور المؤامرة خارجية، وهو استمرار أعمال العنف.
-5-
لو كان ما يجري اليوم من قبل بعضهم يهدف إلى الإصلاح الحقيقي، لاتجهوا إلى التوافق على خطوات الإصلاح التي تحركت ولانتظمت مسيرة الجميع لبناء سورية المتطورة ولكن هذا لم يحدث وهذا ما يؤكد أن قرار الأطراف المتحركة على الأرض بالسلاح والقتل وبخطوات أخرى تأخذ شكل التظاهر مرتبط بأطراف المؤامرة الخارجية.
-6-
ما يواجه سورية حرب معد لها جيداً.
الأموال والسلاح ومعسكرات التدريب ومخيمات ما يسمى باللاجئين على حدود مجاورة ودخول عناصر مسلحة إلى الداخل السوري وتوزيع أجهزة الاتصال المتطورة وإنشاء غرف الفبركة السوداء لتشويه صورة سورية واستنفار العالم عليها وإشعال الداخل السوري طائفياً ومذهبياً وعرقياً وتخصيص فضائيات لبث مثل هذه السموم كل ذلك يؤكد أنه الصراع على سورية، بل الصراع على العالم العربي وعلى القضية المركزية فلسطين والتي تشكل سورية قديماً وحديثاً نبض مقاومتها.
سورية ستنتصر كما انتصرت في كل المراحل الماضية وكل هذا التصعيد الذي نشهده من أميركا والغرب وقوى عربية وإقليمية دليل على تقهقر المؤامرة وخذلان المتآمرين.