هي الحرب ارخت ظلالها على الجميع، فكانت تلك المحطات القاتمة في حياة الكثيرين رصدها الفنان محمد كامل في معرضه الذي أقامه في دار الاسد للثقافة والفنون.
رغم مساحات التفاؤل التي تناثرت في لوحاته لكن حالات الحزن والترقب والألم كانت تطغى من خلال تصويره وعبر «البورتريه» التي كانت تبوح بمكنونات النفس الحزينة وكانت الوجوه والايدي هي بطلة العمل بأسلوب انطباعي تعبيري.
وفي جولة في المعرض تستوقفنا حالات عديدة منها مايمثل سقوط اقنعة بعض الناس ليظهر الجانب المشوه منها، وهذا الرجل الذي ضاقت به سبل الحياة ويحاول ان يخرج من أزمته ولكن هيهات ولكنه مع ذلك فهو لا يفقد الامل، اما من يحاول ان يخفي ضوء الشمس باصبعه، فالحقيقة ساطعة لايمكن اغفالها.
جسدت لوحات الفنان محمد كامل الانسان خلال السنوات الاخيرة التي مرت على سورية وماأفرزته الحرب من مآس والام ولكننا نجد في كل لوحة مساحة للضوء وهو تجسيد للأمل الذي يعيش عليه السوريون، فالجميع مؤمن بالنصر القريب.
اعتمد الفنان في الوانه على اللون الواحد اللون الترابي وعلى تدرجات اللون من الغامق الى الفاتح،كما اعتمد اللوحات الكبيرة وهو القادم من عالم الديكور،فكانت لوحاته التي بلغ عددها حوالي 16 لوحة من القطع الكبير، كل لوحةهي حكاية تنطق تارة بوجع الحنين وتارةاخرى هي صورة عما آل اليه حال الناس من جراء تلك الحرب المجنونة على سورية.
استخدم في لوحاته الوان الاكرليك وربما ارتفاع سعره جعل الفنان يمزج الالوان حسب متطلبات اللوحة، ليصنع منها توثيقا لمرحلة حياتية نعيشها ايمانا منه بان الفن هو مرآة المجتمع ومهمة الفنان مواكبة الاثار النفسية والمعاناة ورصد كل مايحدث في مجتمعه.
والفنان التشكيلي محمد كامل خريج كليةالفنون الجميلة وله مشاركات عديدة في الكويت والجزائر ومشاركات بتصميم اعمال الديكور للعديد من المسرحيات والمهرجانات ويعتبر الفنان ان الفن التشكيلي بالنسبة له هوهواية الى جانب عمله في الديكور.
ويسجل له قدرته على الغوص في داخل النفس وقراءتها بحرفية عالية ومن ثم نقلها بأمانة الى اللوحة لتظهر بصدق التعبير ومهارة مزج الالوان لتحكي كل واحدة منها سفرا جديدا من الألم والأمل في الآن نفسه.
وعلى جانب المعرض تحدث الفنان بألم عن هجرة الكثير من الشباب،حتى عادت الاسرة كما بدأت أم وأب والاولاد ابتلعتهم الغربة وعبر عن ذلك بإحدى لوحاته،وقال بت اقوم بدورهم في العناية بذوي اصدقائي وشعرت بالمسؤولية تجاههم وتوجه اليهم بالدعوة للعودة، فالوطن يحتاجهم كما أهلهم.
وإن وثق الفنان في معرضه حالات وصوراً من المجتمع في ظل الظروف الحالية،فإن عيونه تتطلع الى بشائر النصر القريب وعودة الحياة الى كل صرح نالته يد الغدر بالهدم والتخريب، فالحياة لاتزال تنبض في القلوب،ونحن شعب نحب الحياة ولاتهزمنا الازمات، بل ننهض دائما من جديد اكثر قوة وارادة في الحياة.