وقد انتصرت الإرادة السورية بسلاحي الوعي والوطنية اللذين تفوقا على حسابات أخرى كان يرى أصحابها أنها منطقية وموضوعية لكنهم تجاوزوها مقدّمين مصلحة الوطن على مصالحهم وقناعاتهم الشخصية..
الشباب السوري الذي كان ركيزة أساسية في الاستحقاق الدستوري بترشّحه ومشاركته ووصوله إلى البرلمان يتطلع اليوم إلى ما هو أبعد من عمل تقليدي يقوم به المجلس المنتخب وبالشكل الذي يفتح لهم أبواباً واسعة على حياة أفضل في قادمات الأيام تقرأ ما هو آتٍ بتركيز وبمعايير وطنية واضحة وبأمانة تاريخية تُنصف الدم وتُغلّب المصلحة العامة وتُطلق عملية غربلة حقيقية بحيث لا نرى لاحقاً قصور الانتهازيين بالقرب من مقابر الشهداء ولا تعيق سيارات الوصوليين الفارهة مرور شخص أقعدته الحرب التي خاضها بكل شرف وإخلاص، ولا يتسلّق كرسي المسؤولية من دفع المال أو استغل النفوذ كي يبقى ابنه أرنباً مدللاً في البيت في حين تسابق الآخرون لبذل الدم كرمى عيون الوطن...
ثلاث نقاط أساسية خلصنا إليها من حواراتنا مع شباب الوطن أمام صناديق الاقتراع وهم يمارسون دورهم الوطني وعبر حوارات فيسبوكية مع شباب سوريين من محافظات مختلفة وحتى من الذين يقيمون خارج الحدود نشير لها لأهميتها ولأننا حملناها منهم كأمانة تمنوا أن تطرق أسماع أصحاب القرار..
المسألة الأولى تتعلق بخط أحمر هو البلد، فالبلد لدى هؤلاء الشباب هو ثقافة وانتماء وماضٍ ومستقبل وهذه اللوحة (سورية) لاتقبل في تفاصيل ألوانها أي مارق أو منافق أو مزاود، هي للسوريين الشرفاء الذين لم يتأخروا عن واجب ولم يبخلوا بغالٍ من أجلها وإن لم تكرّس المرحلة القادمة هذا الأمر فستكون خيبة هؤلاء الشباب كبيرة.. تحدثوا عن حالات مبعثرة هنا وهناك، هي موجعة حقاً ومؤلمة كثيراً لكنها محدودة ومع هذا يجب استئصالها وأن تكون محاسبة المقصرين أو المستغلين علنية وقاسية..
والمسألة الثانية تتعلق بمؤسسات الدولة التي يفخرون بها ولكنها بحاجة لعملية (نفض) بحيث تستعيد دورها وتأخذ مكانها في رسم الحياة الجديدة لسورية، سواء أكانت هذه المؤسسات خدمية أو إنتاجية أو شبابية، وملاحظتهم على القطاع العام أنه استُغلّ من قبل العاملين فيه إما بفساد أدى إلى فقدان الثقة به أو بفعل إهمال لم يجد من يحاسب عليه أو بترهّل أصبح من الضروري إعادة التعامل معه بسياسة جديدة..
والمسألة الثالثة وهي الأكثر إلحاحاً والأكثر قرباً من همومهم وتطلعاتهم فهي ما يخصّ مستقبلهم من حيث فرص العمل والوظائف والدخل.. هذه النقطة تشعبّت كثيراً إذ لم تعد فرصة العمل إلا حلماً بعيد المنال لا يصله من لا يحلّق بالواسطة والمحسوبيات، وإن حضرت هذه الفرصة فأي دخل ستحققه لهم في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة جداً، والجزئية الثالثة ضمن هذه المسألة هي عدم توظيف قسم كبير من الشباب ضمن اختصاصاتهم ويضطرون للقبول بذلك لأن الرمد أفضل من العمى كما يقولون..
المسائل الثلاث آنفة الذكر هي ملخص رسائل حملناها من الشباب إلى من سيمثلهم في مجلس الشعب ليعملوا على دراستها ومحاولة معالجتها قدر الإمكان وتمنوا أيضاً أن يحدد ممثلوا كل محافظة في مجلس الشعب يوماً على الأقل في الشهر لاستقبال المراجعين والاستماع إلى طلبات وشكاوى من أوصلهم إلى مجلس الشعب..