تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سقوط نظرية الردع الإسرائيلي

شؤون سياسية
الخميس 6-10-2011
حسن حسن

على الرغم من مرور ثمان وثلاثين عاماً على حرب تشرين 1973 إلاأن «إسرائيل» ما زالت تعاني حتى الآن من اضطرابات متعددة من جراء هذه الحرب.

فقد ثبت أن حرب تشرين ما زالت تذكر الإسرائيليين بأبشع هزيمة عسكرية تعرضوا إليها والتي غيرت وهدمت الكثير من أسس عقيدتهم الاستراتيجية التي تعتمد أحد أساسياتها على اتباع أسلوب التضخيم والحديث المتواصل عن قوتها العسكرية معتمدة على الحالة الاعلامية العالمية الكبيرة التابعة لها سواء في «إسرائيل» والولايات المتحدة أو أوروبا ، وقد كانت هذه القوة العسكرية توصف دوماً بأنها لا تقهر ما ينعكس سلبياً على العدو الذي يقاتل أمامها من أجل بث الشائعات والقصص الخيالية المرعبة في نفوس جنوده وغرس حالة الانهزامية وسطهم وهزيمتهم بصورة سهلة بعد ذلك . الأمر الذي دفع الإسرائيليين إلى وصف حرب تشرين بأنها تشبه الحروب التي خاضها بنو إسرائيل قديماً ضد الفرس والرومان والتي تسببت في سبيهم منذ آلاف السنين وتهجيرهم من أرض فلسطين .ولقد عبر عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين عن مدى أهمية هذه العقيدة ، وكيف أوصى رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون بنفسه كافة القادة سواء السياسيين أو العسكريين بضرورة اتباعها والالتزام بتنفيذها خاصة في أوقات الحروب والمواجهات مع الأعداء الآخرين .‏

وتوضح دراسة أجراها المعهد القومي الإسرائيلي للأبحاث والدراسات في تل أبيب ، في البداية كيف كانت صدمة حرب تشرين قوية للغاية في «اسرائيل» وهو ما ظهر عقب انتهائها ،خاصة بين القادة العسكريين الذين تبدلت أحوالهم بعد حرب 1967حيث باتوا يربون الفهود والحيوانات المفترسة في منازلهم بدلاً من كلاب الحراسة ويكفي أن موشيه دايان قام بتبني تربية 4 فهود في منزله ، بالإضافة إلى الاهتمام بإبراز صورهم في الشوارع والمحال التجارية وهم على جبهة القتال وفي ربوع سيناء ، وبالتحديد في المواقع العسكرية المصرية المدمرة وإطلاق الألقاب العسكرية العظيمة عليهم مثل «القادة العظماء» و«القادة التي لا تقهر» وغيرها من الألقاب الأخرى المختلفة .‏

وقد أدت هذه الحالة من النشوة إلى ارتفاع نسبة الغرور والتباهي المتواصل بين الإسرائيليين ، الأمر الذي جعل من حرب تشرين صفعة مدوية على وجه القادة الإسرائيليين ، وهي الصفعة التي أدت إلى شعور الكثير منهم بالانكسار ، ما انعكس على الشباب الذين كانوا يتخذون منهم في السابق نماذج وأمثلة عليا يريدون أن يصبحوا مثلها في المستقبل ، حتى إن الإقبال على الالتحاق بالمعاهد والكليات العسكرية انخفض بصورة ملموسة منذ حرب 1973 حتى حرب لبنان 1982 ووصف مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك هذه الفترة بأنها 11 عاماً عجافاً عسكرياً وفكرياً من المستحيل نسيانها . ولم يقف هذا التأثير عند القادة العسكريين فقط ، بل وصل إلى المدنيين أيضاً حيث تزايدت حالات الإصابة بالأمراض النفسية بين الإسرائيليين ، وارتفعت حالات الانتحار في ذكراها ،وهو ما يظهر من خلال الاحصاءات التي سجلت في ذلك الوقت ،ففي عام 1974 أقدم 395 إسرائيلياًعلى محاولة الانتحار ونجحت من هذه المحاولات 198 محاولة ، وفي عام 1975 أقدم 268 اسرائيلياً على الانتحار ونجحت 111 وفي عام 1976 أقدم 211 ونجحت 95 ولم تنته هذه الحالات إلا بعد المفاوضات الإسرائيلية- المصرية لإبرام اتفاقية السلام عام 1979 ويرى العميد«شلومو يحيئاف» أن أخطر تأثير سلبي على «إسرائيل» نجم من وراء حرب تشرين كان تشجيع العرب على مواجهة «إسرائيل» ومحاربتها ، وهو ما بات واضحاً من خلال الحروب والمواجهات العسكريةالتي خاضتها بعد ذلك سواء في لبنان أو الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية .‏

وتنتقل الدراسة بعد ذلك إلى الفصل الذي وضعه رئيس قسم التاريخ في الكلية الحربية العميد الدكتور شاؤول شاي والذي أكد أن القيادات العسكرية هي المتسببة في الهزيمة التي منيت بها «إسرائيل» حيث بنيت تحركات هذه القيادات قبل الحرب على الافتراض الذي ترسخ في ذهن الإسرائيليين بعد حرب 1967 وهو أن الدول العربية وعلى رأسها مصر ستبدأ الحرب عندما تصل إلى قناعةأنها مستعدة ومسلحة. ولم يصدق أحد سواء في «إسرائيل» أو الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي أن العرب يستطيعون بناء قوتهم العسكرية مرة أخرى بعد ذلك ، لأن الجميع قدروا أن الهوة عندهم كبيرة ، ولم تردم بين المطامح القتالية وبين الاستعداد والقدرة على البدء فعلياً في الحرب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية