تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحاج كرمو

ســـــاخرة
الخميس 6-10-2011
معتصم دالاتي

كان يعرف بالحاج كرمو فهو حاج وكرمو هوالاسم المشتق من عبد الكريم، والحاج كرمو أوالأستاذ عبد الكريم شخصية تربوية شهيرة ولاسيما في أوساط التربية،إذ إنه من أوائل المدرسين والمديرين في مدينة حمص.

ففي أواخر ثلاثينيات القرن الماضي حيث ابن السرتفيكا أي الشهادة الابتدائية كان يعتبر أنه قد ختم العلم وسط أعداد كبيرة من الأميين الذين كان الخط وأحرف الكتابة بالنسبة لهم طلسماً لايقدر على حله وفك رموزه، إلا من أوتي العلم والمعرفة من ذوي الشأن.‏‏

في تلك الفترة حصل الطالب عبد الكريم صافي على شهادة البكالوريا، وتوجه إلى فرنسا لاستكمال تحصيله العلمي لمادة الجغرافيا في إحدى الجامعات الفرنسية، ثم عاد إلى مدينته حمص ليعد بحثاً عن وادي العاصي حيث يحمل تلك الأطروحة إلى جامعته الفرنسية لينال عنها شهادة الدكتوراه.‏‏

ولعل الظرف لم يكن مواتياً لسبب ما، فلم تتح له العودة إلى فرنسا وطارت منه الدكتوراه وبقي على شهادة الليسانس التي لم يكن الحصول عليها يداعب سوى طموح الندرة النادرة من شباب المدينة في تلك الأزمان.‏‏

فترة الدراسة بالنسبة لهذا الطالب في فرنسا لم تمر بصفاء وسلامة ذلك أن حادثة جرت معه في تلك البلاد التي كانت تحتل سورية والتي هي أيضاً أي فرنسا تعاني من جنود الاحتلال النازي فترة الحرب الكونية الثانية التي اندلعت عام 1939م وانتهت عام 1945 حيث كان الطالب عبد الكريم صافي متواجداً في بلاد الفرنسيين.‏‏

تتلخص الحادثة في أن أحد أبناء عمومته، وهو شاب مثله كان منتسباً آنذاك إلى مايدعى تنظيم القمصان الحديدية التابع لحزب الكتلة الوطنية التي تقاوم الاستعمار الفرنسي، ولعلها كانت ترى أن عدو العدو هو صديق.‏‏

وكان عدو العدو هو الزعيم النازي أدولف هتلر الذي أمل به البعض مخلصاً لسورية من استعمار الفرنسيين وقد كان لتنظيم القمصان الحديدية المذكور لباس خاص بهم يرتدونه في المناسبات والاستعراضات.‏‏

وكان ابن العم هذا قد أخذ لنفسه من أجل الذكرى والتاريخ صورة تذكارية مرتدياً لباس التنظيم الحديدي القمصان.‏‏

وقد وضع هذه الصورة في مظروف أنيق وأرسلها لابن عمه عبد الكريم المقيم للدراسة في بلاد الفرنسيين.‏‏

ففي ذاك الزمن كان البريد هو الوسيلة الوحيدة لإرسال الصور والمكاتيب أي الرسائل، ولسوء حظه فقد وقعت هذه الصورة بيد المقاومة الفرنسية، فاعتبرت الطالب السوري عبد الكريم صافي هو كابن عمه منتمياً للنازية أعداء البلاد فتم اعتقاله ومحاكمته وصدر الحكم عليه بالإعدم، ولدى اقتياده لتنفيذ الحكم تصادف وقوع غارة ألمانية، فسادت الفوضى وهرب الجميع إلى الملاجئ حيث فر المحكوم وتوارى عن الأنظار، إلى أن تمت تسوية الموضوع بعد توسط جهات مؤثرة أدت إلى إعفائه من الإعدام.‏‏

تلك هي رواية الحاج كرمو بلسانه،لكن الحادثة تلك تركت أثرها في شخصيته حتى نهاية عمره رحمه الله.‏‏

في أحد الأعوام الدراسية كان نصيبي في إعدادية سعيد العاصي لتدريس مادة الفنون من بيت الدالاتي، اخترته دون سائر مدرسي هذه المادة.‏‏

ذلك أن بيت الدالاتي مشهورون بصنع دواليب العربات الخشبية الطنابر فيضعون دواليبها متقنة الاستدارة، كأنها مشغولة بالبيكار ولذا فهم فنانون.‏‏

شكرت الحاج كرمو على ذوقه الرفيع وحسن الاختيار،وشكرت لأعمامي وأجدادي صانعي دواليب الطنابر التي تجرها الحمير والبغال، ذلك أنهم أسبغوا عليّ لقب فنان تشكيلي جيد، ومدرس كفء لمادة الرسم.‏‏

بغض النظر عن دراستي في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وأيضاً بغض النظر عن إنتاجي من اللوحات الفنية الزيتية ومشاركتي بمعارض الفنون.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية