تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من ظرفاء دمشق (13).. سعيد التلاوي.. وسعيد الأفغاني

ســـــاخرة
الخميس 6-10-2011
نصر الدين البحرة

على الرغم من أن سعيد التلاوي ولد في حمص، إلا أنه أمضى معظم أيام حياته في دمشق، وقد انتقل إليها بعد أن أنهى تعليمه الأولي

في مدينة ابن الوليد، حيث انتسب إلى مكتب عنبر، وبعد تخرجه عاد إلى حمص، فراسل عدة صحف دمشقية، وترأس تحرير جريدة «التوفيق» الحمصية.‏

وعندما رجع سعيد التلاوي إلى دمشق ساهم في إصدار جريدة «البلد» مع ايليا شاغوري، وظل فيها حتى أصدر جريدته التي ترأس تحريرها أيضاً «الفيحاء» عام 1947، وقد تميزت هذه الصحيفة بين الصحف العديدة التي كانت تصدر في عاصمة الأمويين بفصاحة لغتها ومتانة سبك جملها مع أن لغة كثير من الصحف الأخرى، كانت تمتاز بركاكتها، خاصة في صوغ الأخبار.‏

رصين في الكتابة.. ضاحك في الحياة‏

أضف إلى ذلك، أن الأستاذ التلاوي، كان يضمن افتتاحياته، بين وقت وآخر بعض الآيات من القرآن الكريم، كما هو الحال في التعليقات الأخرى التي كان ينشرها باسم مستعار.‏

الغريب في أمر هذا الصحفي الكاتب، أن فارقاً كبيراً، كان بين أسلوبه الجاد الرصين في الكتابة، وبين سلوكه في الحياة، ذاك أنه عرف بين زملائه وجلسائه بظرفه وطرافة قفشاته، مما يختلف تماماً عن ذلك الجانب في شخصيته، وكذلك كان شقيقه المرحوم عبد الحليم الذي عمل زماناً في دائرة أخبار التلفزيون السوري، وكنت ألتقي به بين وقت وآخر فنتبادل التندر بالنكات الحمصية، التي كان يبدعها عفو الخاطر.‏

في (عاليه) مع زكية حمدان‏

مما يروى عن سعيد التلاوي أن أحد أصدقائه الصحفيين اللبنانيين، دعاه يوماً إلى ملهى «طانيوس» في عاليه، حيث كانت المطربة السورية زكية حمدان تحيي الليالي هناك، وذات مرة، كانت تشدو بأغنية «خلقت جميلة» وهي من ألحان خالد أبو النصر، وشعر محمود سعيد الذي كان ضابط شرطة، وأمضى سنوات عديدة في خدمة هذا السلك.‏

مفردات الشرطة في الأغنية‏

ضمن هذا الشاعر قصيدته التي تغنيها السيدة زكية، مفردات كثيرة مما يرد في «ضبوط الشرطة» وحواراتهم، ففي البيت الأول يقول: خلقت جميلة «لتعذبينا» - ولسنا في غرامك «مجرمينا».‏

ثم يقول: إذا كان الهوى والحب «عيباً» - فكل «معايب» العشاق فينا.‏

وينتقل بعد ذلك مستطرداً: وكم من «مجرم» قد نال عفواً - وأنت «بدون ذنب» «تقتلينا»..‏

المطربة بعد قبلة سكران‏

وفيما كانت السيدة حمدان المتينة البنيان مفتولة العضلات، تصدح بكلمات هذه الأغنية، قام أحدهم من بين الجمهور، ويبدو أنه شرب «كاساً دهاقاً» محاولاً تقبيلها، وقد أخذته نشوة الغناء. وكان قربها كرسي خيزران صلب، فتناولته، وضربت الرجل به، وحينذاك غضب أنصارها فهبوا يدافعون عنها وينهالون ضرباً على ذلك السكران، وهكذا هب أصدقاؤه الموجودون حول طاولته، يدافعون عنه، وفي هذه الأثناء كانت زكية حمدان تساهم في هذه المعركة بكرسيها، وبكل ما أوتيت من قوة.‏

زكية حمدان تشرح القصيدة‏

خلال ذلك كان الصحفي اللبناني، شارداً، يتأمل أحد المناظر، إلا أنه عاد وقد سمع ضوضاء المشاجرة، ليسأل سعيد التلاوي ضيفه:‏

- العمى.. شو في.. يا أبو خالد؟‏

هنا قال التلاوي وهو يبتسم:‏

- ما في شي.. زكية حمدان عم تشرح القصيدة.‏

عالم النحو سعيد الأفغاني‏

أما الظريف الآخر الذي يرسل تعليقاته الساخرة الحادة، وهو عابس دون أن يفتر ثغره، عن طيف ابتسامة، يقولها في منتهى الجد، فهو الأستاذ سعيد الأفغاني، مدرس النحو والصرف في كلية الآداب بجامعة دمشق في خمسينات القرن العشرين وستيناته، وقد أسعدني الحظ فحضرت كثيراً من محاضراته في السنة الأولى «شهادة الثقافة العامة» والسنة الثانية - قسم اللغة العربية.‏

يرقص عندما يغضب‏

كان الأفغاني أصلع أميل إلى القصر، وثيابه بين بين، ليست أنيقة وليست عادية، وكان يتميز - رحمه الله -، حين يغضب، أنه يهتز بجسده أمام السبورة كأنه يرقص، على أنه يكره كثيراً أن يرى صبية بين الشبان أو شاباً بين الصبايا، فما إن يدخل إلى الصف - المدرج الصغير في الطابق الثاني، حتى يأمر بالتفريق بين الجنسين بكل وضوح.‏

موقف مع طالب متفذلك‏

ومعظم طرائفه كانت تعليقات من نوع هذا الذي تم مع أحد الطلاب المتفذلكين كان الأستاذ الأفغاني يتحدث عن أخطاء أو (أغلاط) الكتاب، فيقول: يكتبون كذا وهذا غلط، وصوابه كذا.‏

في هذه الأثناء رفع أحد الطلاب إصبعه، وإذ رآه سعيد الأفغاني، قطع كلامه وقال نافد الصبر: نعم؟‏

الأفغاني يستشهد بــ «شكوكو»‏

قال الطالب: إنك تقول: هذا خطأ.. وهذا خطأ، ونحن نرى أن كبار الكتاب يكتبون ما تراه خطأ!‏

هنا، بدأ الأفغاني يرقص، أي يهتز جسده كله، ويشيل حاجبيه ويطوح بكلتا يديه في الفضاء، ثم قال: من تقصد؟ شكوكو؟‏

وكما هو معروف فإن هذا «المونولوجيست» هو أحد مهرجي السينما المصرية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية