تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


... من شرايين القـــلب والذاكــــرة

مجتــمـــــع
الخميس 6-10-2011
ملك خدام

هل يمكن للمرء أن يعيش ذات الحدث وبنفس التفاصيل مرة أخرى؟

صدقوا أن هذا ما حصل معي، عندما زرت مع أطفالي لأول مرة - بانوراما تشرين.. فلم أتمالك (من هيبة الموقف ودقة التوثيق) نفسي للحظة ورحت أذرف دمعاً وأنا أتابع معهم- بعد إزاحة الستار- ذلك الفيلم الموثق بالصوت والصورة الحقيقيين من أرض المعركة، والذي بدأ بقول القائد الخالد حافظ الأسد:‏‏

«نحن لا نريد الموت لأحد.. وإنما ندفع الموت عن شعبنا.. نعشق الحرية ونريدها لنا ولغيرنا.. نحن دعاة السلام ونعمل من أجل السلام».‏‏

وفي زخم المشاعر والانفعالات، التي بدأت تصب من شرايين القلب والذاكرة الهادرة، توالت أمام عيني تداعيات هذه الحرب في هذا المنعطف التاريخي الكبير الذي سبق أن عشت تفاصيله كابنة أحد الضباط الجرحى في هذه الحرب الفيصل- وأنا طفلة- والآن أعود لأتنفس عبقه مع أطفالي في البانوراما- كأم - وأنا كبيرة.‏‏

سألتني طفلتي التي كنت في مثل عمرها تماماً، عندما بدأت ساعة الصفر فيها، أمي.. أتبكين؟! فأجبتها وأنا أحاول أن أتدارك دموعي مرتجفة بطرف يدي، أجل يا بتول، إنها دموع الفرح بالنصر، فسألني بكري - همام- بعد كل هذه السنين؟ !... فرحت أشرح لأطفالي منتشية، ذلك لأن النصر- الآن- تجلى في سورية- الكرامة، التي لا تزال مرة كالعلقم على الأعداء، وحلوة- كالعسل- على الأصدقاء.‏‏

هذا النصر الذي لن يقدره حق قدره غير - صانعه- ولن يوثقه في شرايين القلب والذاكرة غير الذي عاش حقيقة فيه، لم يحتج الدليل السياحي كثير شرح، وهو يروي أمام أطفالي والسياح الذين كانوا يتجولون في أنحاء البانوراما، حكاية الصور النابضة في تفاصيل هذه الحرب، التي كانت حجر الأساس في قلعة المقاومة، واستمرت فيما بعد كنهج استراتيجي في سياسة سورية في الصمود والتحدي، فمن قبل كانت مرارة الهزيمة في عدوان الخامس من حزيران عام 1967، وأسطورة الجيش الصهيوني ذي الذراع الطويلة الذي لا يقهر ومنذ بزوغ شمس حرب تشرين التحريرية في الثالث من تشرين الأول عام 1973 بترت ذراع العدوان الصهيوني المستمر على الأرض العربية، وغدت حرب تشرين التحريرية أبرز الأحداث في تاريخ العرب المعاصر، نظراً لنتائجها حين أبرزت أهمية الوحدة العربية في الصراع العربي الإسرائيلي ، و أبرزت أهمية النفط العربي كسلاح فعال في المعركة، وعززت الشعور بأن الأمة العربية قادرة إن أرادت على المواجهة والتحدي ، كما كبدت هذه الحرب إسرائيل خسائر بشرية ومادية فادحة.‏‏

قال الدليل السياحي، وهو يشير إلى حطام طائرة إسرائيلية معروضة في حديقة البانوراما:‏‏

.... أسقطت هذه الحرب أسطورة الجيش الذي كان يدّعي أنه لا يقهر، وتم تحرير مدينة القنيطرة ورفع العلم السوري فوق سماء مدينة القنيطرة في 26/6/1974 بيد القائد الخالد الذي أكد حينئذ بأننا نخوض المعركة بإيمان بالله وبأنفسنا، وبعزيمة صلبة وتصميم قاطع على أن يكون النصر حليفنا منها، كما أكد في أكثر من مناسبة أننا نبعث بالمقاومة والصمود تاريخ الأمجاد، ونصنع مستقبلاً مجيداً لوطننا كأبناء أمة حملت رسالة النور والإيمان لأصقاع الأرض، وشهد لها العالم قاطبة بأسمى الصفات وأنبل الأخلاق.‏‏

وعندما أشارت طفلتي الصغرى آية إلى عش لعصافير صغيرة استقرت تحت جناحي الطائرة المحطمة، لم أستغرب أبداً في نهاية هذه الزيارة أن ينبثق من هاهنا الأمن والسلام.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية