الحصيلة الأولية: خسائر كبيرة في صفوف العدو وسيطرة للجيش العربي السوري على أجواء المعركة براً وبحراً وجواً.
ففي السادس من تشرين التحرير ولدت الإرادة، ومن رحم تشرين الأول ولد الانتصار، ومن أرض تشرين أينعت الثمار، ومن تشرين أقبل العزّ فهلل المجد والكبرياء ورفعت سواعد الأبطال الراية العالية في السماء السورية, حيث كانت لمعركة سورية الأسد المعنى والمغزى والجوهر واللون والحكاية والرواية والقصة: فلأول مرّة تتيقظ ذاكرة الأجيال المتتالية وتتنفس أوكسجين الكرامة التي صاغها الجنود الشجعان ببسالتهم وقوتهم وإتقانهم لسلاحهم فكانوا كالأشاوس أسود الميدان تتناقل وكالات الأنباء أخبارهم ويسطر المراسلون في دواوينهم ملاحم بطولية معنونة بطهر دماء الجيش العربي السوري بجنوده وضباطه وصف ضباطه. ما جعل الموازين تتغير والحسابات تجرد أرقامها بلغة النجاح والتفوق وتقليد وسام النصر.. الذي حصده الشعب العربي بكل أطيافه وعلى جميع المستويات وليس الجانب العسكري فقط، حيث انعكس انتصار المعركة على كامل الأرض السوررية استقراراً وأماناً وعزّة وبناء وصروحاً دعائمها تشييد بنية تحتية متينة زادت مما كانت عليه فتوسعت بانجاز الطرقات والجسور والسدود والمشافي والمدارس والجامعات وإيصال الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وهاتف إلى آخر نقطة في القرى والبلدات النائية على امتداد الخريطة السورية ... كل ذلك تم بفضل ورعاية واهتمام ذاك القائد العظيم الحاضر في وجداننا وذاكرتنا القائد الخالد حافظ الأسد صاحب انجاز مشروع التشرينين التحرير والتصحيح، فهو القائد العربي الأول والوحيد ولا نبالغ الذي أعاد للعرب هيبتهم وحفظ دورهم في درجات سلم عالم السياسة وما تعنيه من متاعب ومراهنات واستحقاقات وواجبات ومسؤوليات فله الفضل في تهيئة الأرضية المناسبة والمناعة الوطنية والرؤية القومية لمسار الأحداث، وانتقل بالعرب بشكل عام وسورية بشكل خاص إلى الرقم الصعب في مصافي الدول المتقدمة ولاسيما الغربية منها والتي ما وفرت يوماً فرصة للانقضاض على المنجزات الوطنية التي حققتها سورية بفضل شعبها الأبي وجيشها العقائدي وحكمة قائدها الذي وصفه الكثيرون بالعبقري ورجل المهمات الصعبة ورجل اللحظة الأخيرة..
نعم كان للقائد الخالد حافظ الأسد وزن كبير في عالم السياسة المعقد ويعتبر من أبرز الشخصيات المؤثرة في توجيه حراك الأحداث كلما عصفت في الشرق وفي بلداننا العربية ملمّات من العيار الثقيل. ومنها بلا شك حرب تشرين التحريرية التي مازلنا كشعب عربي سوري نحصد نتائجها وإيجابياتها إلى يومنا هذا وحتى المستقبل البعيد، كرامة وأمناً واستقلالاً وسيادة.
أجيالنا تشهد
وإذا كان السؤال كم من جيل شاهدعلى حرب تشرين التحريرية فإن الجواب بالتأكيد أجيال متتالية متقدمة قبل الحرب ومشاركة في الحرب وصغيرة معاصرة شهدت تلك الأحداث والمعارك ولكن إدراكها لم يكن بمستوى النضج الفكري لمعرفة وتحليل شيفرة عظمة وأهمية هذه الحرب، فهل تنسى الذاكرة تلك السحابة السوداء التي غطت سماء بانياس وهي زاحفة الى الشرق إلى سماء مدينة مصياف والمنطقة الوسطى، يومها كنّا في المرحلة الإبتدائية رأينا بأم العين بعضاً من أجواء المعركة حيث كان المذياع هو المخبر الأول لكل الرسائل والبلاغات ويكاد تجدد له البطاريات أكثر من مرة في اليوم لأن المواطن العربي السوري لم ينزو في منزله بل كان يخرج الجميع كل حسب عمله الفلاح في أرضه والطالب في مدرسته والطبيب في مركزه الصحي وربّة المنزل في تدبير أعمالها ولكن العيون جميعها كانت شاخصة الى السماء التي كانت تزينها طائرات الميغ 21 وصواريخ السام، فيما الآذان تسمع بين الحين والآخر دوي القصف والانفجارات بين الحين والآخر ليأتي البلاغ العسكري ويعلن عبر وسائل الاعلام المتوفرة حصيلة كل دقيقة وساعة ويوم من الخسائر والنجاحات في أرض المعركة، ومع كل اسقاط طائرة للعدو كانت تعلو الزغاريد وينتشر الأهالي على شكل لجان شعبية في جميع الأحياء والأماكن البعيدة والقريبة يحرسون الثغور من تسلل الخونة والأعداء ويساعدون بنقل المؤن الضرورية إذا ما لزم الأمر يتطوعون ويشاركون في تضميد الجراح, فيما النسوة والصبايا ريفاً ومدينة جنّدن أنفسهن للقيام بكل الأعمال المتاحة التي تخدم معركة الشرف، وبهذه الصورة الاجتماعية الوطنية الرائعة تحول الشعب العربي السوري الى جيش مدني رديف يؤازر أخوة السلاح في ميدان المعركة معركة الشرف والكرامة وصون الاستقلال.
إن لحرب تشرين مزايا عديدة وخصائل حميدة، ونتائج وانجازات ضخمة طالت جميع الميادين وجعلت سورية في المقدمة وما نشهده اليوم من تآمر كوني على سورية ما هو إلاّ شاهد حقيقي على أهمية انجازات التحرير والتصحيح وما لحقه من ممانعة ومقاومة لكل مشاريع التآمر والتقسيم.