تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حـدث .. مبدع و وفاء

آراء
الخميس 6-10-2011
د. اسكندر لوقا

من المسلمات في الحياة أن تقال كلمة وفاء فيمن يستحقها، سواء أكان المستحق على قيد الحياة أم رحل عنها إلى دنياه الآخرة، ومن المسلمات

أيضاً أن توجه كلمة شكر لمن يحيا في الذاكرة الجمعية ذكرى أي مبدع يستحق كلمة وفاء. وفي هذا السياق أشكر السيدة الأديبة مهاة فرح الخوري لأنها أعادت إلى هذه الذاكرة- بما في ذلك ذاكرتي- أعادت إليها صورة الفنان المبدع الراحل ميشيل كرشة، وما كان يمكن أن يندثر من معالمها مع مرور الوقت وتقدم العمر.‏

الفنان ميشيل كرشة هو واحد من أساتذتي وأنا في عمر الطفولة في بداية أربعينيات القرن الماضي في مدرسة الغسانية قرب حي الزبلطاني في دمشق، ومنه استمددت جرأتي لأمسك القلم فأخط معالم لوحة أو أكثر في أوقات الفراغ، ولا أزال أحتفظ ببعض منها حتى اليوم في أرشيفي الورقي.‏

هذا الفنان المبدع يصعب على من عرفه وتتلمذ على يديه، يصعب عليه أن ينساه، أن ينسى فيه الإنسان الرقيق المتواضع بالدرجة الأولى ، ومن ثم الفنان المبدع الذي أعطى الفن التشكيلي في بلدنا ماهو ليس أقل شأنا مما أعطاه مبدعون كبار آخرون، بقيت وتبقى أسماؤهم مضيئة إلى يومنا هذا وستبقى كذلك إلى أمد غير محدود.‏

عرفت الفنان ميشيل كرشة وأنا على مقاعد الدرس في مدرسة الغسانية في الأعوام الأولى من أربعينيات القرن الماضي، كما أسلفت، وذلك إثر نزوح أسرتنا من لواء اسكندرون، لأتابع الدراسة في المرحلة الابتدائية، وفي إحدى الحصص لم أكد ألاحظ أنه واقف إلى جانبي حتى وضع يده اليمنى على كتفي وقال بصوت مسموع: اسمع يا بني ستكون يوماً في المستقبل رساماً ناجحاً.‏

ولسوء طالعي، حالت إمكانيات أسرتي المادية دون قدرتنا على تأمين لوازم الرسم في تلك الحقبة، فبقي هاجس أن أكون رساماً حاضراً في داخلي إلى أن أتيح لي زمن أقتني فيه شيئاً من لوازم الرسم، فتحقق بذلك ما رآه أستاذي الراحل ميشيل كرشة ولكن بنسبة متواضعة جداً أتاحت لي فرصة ثمينة لأشارك زملاء لي في معرض جماعي، بينهم الفنان نذير نبعة والفنان الراحل غازي الخالدي في منزله، وفرصتين لمعرضين أقمتهما منفرداً في المركز الثقافي العربي، وفي المركز الثقافي الروسي قبل بضع سنوات قليلة.‏

ولاعتبارات تتعلق بتكاليف فن الرسم بالدرجة الأولى، اخترت الكتابة ولا أزال أمارسها حتى الساعة وإن لم تختف «الصورة» من مخيلتي أبداً حين أعبر عن فكرة ما في قصة أو رواية أو مسرحية أو حتى في أي موضوع سياسي أو اجتماعي.‏

بقيت الـ «الصورة» عالقة في ذاكرتي منذ أيام الطفولة، وبالتالي منذ سنة غرس فينا أستاذنا الراحل، نحن تلاميذ المرحلة الابتدائية في مدرسة الغسانية، حب فن الرسم ، فسار على الدرب من استطاع ومن لم يستطع لابد أنه اقتبس من شخصية الفنان ميشيل كرشة الكثير مما يسبغ على المدرس صفة الإنسان عموماً، الإنسان الذي يعطي وطنه ما يستحق ليكون معلماً يشار إليه داخل وطنه وخارجه.‏

Dr-louka@MAKTOOB.COM

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية