تبلغ احتياجات محافظة الرقة من البذار، كما يؤكد تنظيمها الفلاحي نحو 45 ألف طن سنوياً، وما اشتراه فرع المؤسسة لا يكاد يتجاوز بكثير نصف الكمية المطلوبة لبذار الموسم التالي، وهذه الكمية لا تسد احتياجات المحافظة، ليس لأنها لا تشكل إلا نصف الكمية المطلوبة فقط، وإنما لأن فرع المؤسسة لن يتمكن من غربلة تلك الكمية، ووضعها في خدمة الفلاحين في الوقت المناسب، وذلك أن طاقة الغربلة في الفرع لا تتجاوز مئة طن يومياً.
هذه هي الصورة كما يراها الفلاحون، لذلك فإنهم يضيفون بأنه لابد من توفير أجهزة غربلة من المحافظات الأخرى ليتمكن فرع المؤسسة في الرقة من غربلة الكمية المسوقة كلها لتأمين القسط الأكبر من البذار.
تختلف الصورة من وجهة نظر مدير فرع مؤسسة إكثار البذار، فالمهندس الزراعي فريد البعاج، يقول: إن حاجة المحافظة للبذار هي بالفعل في حدود 43 أو 42 ألف طن، واستجرار البذار وكميته ليست واحدة في كل السنوات، إنما تخضع للمساحات المزروعة، كما تخضع لأسعار السوق، ففي إحدى السنوات لم توزع المؤسسة أكثر من 16 ألف طن للبذار..؟!
وعن إمكانية فرع المؤسسة، قال: إن استطاعة الفرع نحو 300 طن يومياً، في محافظة الرقة مركزان للغربلة، أحدهما في الرقة، والثاني في تل أبيض، والطاقة الإنتاجية لكل منهما 150 طناً، علماً أن فروع مؤسسة إكثار البذار في المحافظات تعمل في حالة تكامل، فالمحافظة التي فيها زيادة تعطي للمحافظة التي تشكو من النقص وهكذا.
ونقول بدورنا: إن الجهات العامة كانت غالباً ما توفر نحو نصف البذار فيما يوفر الفلاحون النصف الثاني.. لكن هذا كله لا يدفع قلق الفلاح ولا يزيله.. وخاصة أن أغلب الفلاحين أصبحوا يبيعون محصولهم كله، ولا يدخرون منه شيئاً، لحاجتهم إلى قيمته، ومع هذا فإن تلك القيمة قد تتأخر بالنسبة للكثيرين كما هو الحال بالنسبة للذرة الصفراء، وبالنسبة لكميات القمح المسوقة لفرع إكثار البذار.
لا تكتمل الصورة دائماً، فهناك كلام ناقص، وحاجات لم تسد.. لذلك يظل القلق قائماً حتى لو مال الفلاح إلى التفاؤل..!