تمكنها من انتزاع أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، من حلفهما مع روسيا وافقادهما الاستقلال الذاتي الذي حصلتا عليه نهائياً بعد حرب آب عام 2008، والمشكلة في واقع الأمر ليست كما تحاول بثه وسائل الإعلام الغربية والجورجية بأنها مشكلة إعادة وحدة الأراضي الجورجية، بل إنها تعكس المجابهة بين روسيا والولايات المتحدة على منطقة استراتيجية تحدد في نهاية المطاف، من سيكون القوة الضاربة في منطقة القفقاز وآسيا الوسطى، والمهيمن على بحر قزوين والمتحكم بطرق امدادات النفط من أسيا الوسطى إلى أوروبا ،إذاً الصراع الذي تشهده منطقة القوقاز ليس سوى صراع عالمي بين أمريكا وحلف الناتو من جهة وروسيا وحلفائها من جهة أخرى، مغلف بطابع إقليمي.
لقد حاولت روسيا ابداء حسن النية خلال زيارة أوباما لموسكو، بتقديمها بعض التنازلات للولايات المتحدة تجسدت في السماح للقوات الأميركية وحلف الناتو بنقل معداتهما العسكرية المتجهة إلى افغانستان عبر الأراضي الروسية، وخف الحديث عن إخلاء قاعدة «ماناس» الأميركية في قرقيزيا التي طالبت الحكومة القرقيزية بإغلاقها، ولم ترفض موسكو إمكانية إحداث محطتين عسكريتيين أمريكيتيين جديدتين في بعض الجمهوريات السوفييتية السابقة المحاذية لافغانستان لتسهيل نقل المعدات العسكرية والجنود الأمريكيين إلى افغانستان .
وكاد ميدفيديف يوافق على طلب أوباما بتقليص الاحتياطي من الصواريخ النووية الهجومية الاستراتيجية لدى الجانبين الأميركي والروسي إلى أقل من 1500 صاروخ، ولكن الجيش الروسي نصح ميدفيديف - حسب الصحف الروسية- بالاكتفاء بالاتفاق حول 1500 إلى 1675 صاروخاً استراتيجياً كحد أدنى، لأن التقليص أكثر من هذا العدد يعني أن روسيا ستتحول إلى دولة متخلفة مقارنة بالولايات المتحدة التي استطاعت تطوير قواتها العسكرية التقليدية إلى مستويات تتفوق فيها على روسيا بأشواط كبيرة، والتخلي عن قدراتها الاستراتيجية الصاروخية كما تمنى أوباما إلى الثلث ، يعني تفرد أمريكا بمصير العالم دون منازع وحرمان روسيا من دورها كدولة عظمى في الساحة الدولية.
وعندما شعرت الحكومة الروسية أن التنازلات التي قدمت لأوباما حفزت الإدارة الأميركية على المضي في الضغط على الكريملين لتقديم المزيد من التنازلات ، وجاءت تصريحات جو بايدن نائب الرئيس الأميركي ، بأن ضعف الاقتصاد الروسي سيحمل موسكو على تقديم تنازلات للغرب، أهمها التخلي عن محاولاتها الهيمنة على الجمهوريات السوفييتية السابقة والموافقة على تقليص قدراتها النووية- الكلام كله لـ بايدن- في هذه الحالة، فإن روسيا لن تكون سوى شريك صغير للولايات المتحدة إثر خسارتها دورها الاستراتيجي السابق وأعلن بايدن أنه يؤيد ضم أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الناتو، وتقوية جورجيا عسكرياً.
إن هذا الإعلان اعتبرته موسكو بمثابة إعلان حرب أمريكية على روسيا بواسطة جورجيا التواقة للانتقام من روسيا التي ألحقت بها هزيمة عسكرية ساحقة قبل عام في اوسيتيا الجنوبية.
وجاء الرد الروسي بالإعلان عن عروض عسكرية في اوسيتيا الجنوبية ومناورات عسكرية مع الصين وايران.
كرد على تصريحات بايدن، وإحداث قاعدة عسكرية جديدة لها في قرقيزيا، وإنشاء قوات تدخل سريعة من قبل دول منظمة رابطة الدول المستقلة