الذي وضع حداً لما كان سائداً قبل ذلك من اعتماد للتوراة على أنها مصدر تاريخي أول ولاشك في أن الأمر نسف الادعاءات الصهيونية التي تحاول أن تنسب تاريخ المنطقة لإسرائيل وكأن اليهود الإسرائيليين الحاليين فقط هم امتداد طبيعي للأقوام التي عاشت في المنطقة.
كانت الآثار المكتشفة عبارة عن أدوات وألواح ورقم حجرية وكتابات نقشت على الصخور وجدران المعابد وهياكل عظمية فأعطت الصورة الأقرب للحقيقة والواقع عن تقاليد وحياة الأقوام السابقة وخاصة أنه تم استخدام مختلف العلوم الدقيقة في تحديد أعمارها والأزمنة التي ترجع إليها. لكن المشكلة مع الإسرائيليين هي أنهم يعتبرون أنفسهم امتداداً لتلك الأقوام ويتعمدون الوقوف عند نقطة وهي أن القدس هي مدينة داوود وأنها الأقدم وتعود كما يقولون إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وخلال هذا يرفضون الاعتراف بل يجهدون لإقناع العالم أن الأقوام التي عاشت في المنطقة انتهت واندثرت مع انتهاء الحقبة التي عاشوا فيها، وهو مالا يستوي مع التفكير السليم لأنه في هذه الحال سيكون السؤال من أين جئنا؟ هل من عالم آخر؟؟
لم تمنع هذه الاكتشافات الإسرائيليين من العمل لاستغلال الحفريات ومحاولة إقناع العالم أنهم يملكون الحق التاريخي في فلسطين عموماً والقدس خصوصاً بل حدث أن تحدث بعضهم عن قواسم مشتركة بينهم كيهود وبين السومريين الذين كانوا يقيمون في جنوب بلاد الرافدين في الألف الثالث قبل الميلاد لكنهم اندمجوا بالشعوب السامية العربية التي أجبرها الجفاف على الهجرة بحثاً عن الكلأ والماء والتوجه شمالاً إلى بلاد الرافدين (تحدثوا عن التشابه من حيث الاحتفال بالأعياد المختلفة كالحصاد) كما أشاروا لاشتراكهم مع المصريين الفراعنة ببعض العادات والتقاليد ولاسيما الختان، وبالتالي يريدون القول إنهم امتداد للمصريين الفراعنة والسومريين ولكن من منظورهم لايمكن تطبيق هذا المعيار على المصريين الحاليين كامتداد للمصريين القدامى ولاللعراقيين كامتداد للسومريين والبابليين والأكاديين.
هناك معركة ليست سهلة بالتأكيد، تتطلب منا جميعاً ومن مؤرخينا شحذ الهمم والتصدي لتلك المحاولات الخبيثة، وخاصة أن الإسرائيليين بحجة البحث عن الآثار التي تدل على هيكلهم المزعوم، الذي بني بسواعد الصوريين الفينيقيين وفقاً لما جاء في التوراة، يريدون اليوم هدم الأماكن المقدسة كالمساجد والكنائس ولاسيما المسجد الأقصى... فالفلسطينيون أصبحوا غزاة وأغراباً وفقاً للمنظور الإسرائيلي.
يتحدث الإسرائيليون عن مواسم حفريات جرت خلال الأعوام 1975-1979-1980 بينما أشار الكاتب ميرون ريفوفورت قبل عامين تقريباً إلى تأكيد مدير سلطة الآثار في إسرائيل يهوشوع (شوكا) دورفمان، أنه تم نقل معظم أعمال السلطة إلى القدس للقيام بتسع حفريات كبيرة وطويلة تمتد عدة سنوات، أما التمويل فمن قبل مجموعات سياسية يمينية في الوقت الذي أعلنت فيه «عطيرت كوهانيم» و«العاد» أن الهدف هو تهويد المدينة القديمة، ونقل عن دورفمان تأكيده أن سلطة الآثار وبلدية القدس الصهيونية والروابط التي تقوم بتمويل أعمال الحفريات تنسق فيما بينها، وكانت هناك إشارة إلى تأكيد علماء آثار أن الحفريات يمكن أن تؤدي إلى تغيير وجه مدينة القدس ولاسيما المدينة القديمة، ونقل عن أحدهم أن «الصلة أو العلاقة السياسية لهده الخطط واضحة» مؤكداً أن الحفريات تأتي لتعزيز وتقوية القبضة الإسرائيلية اليهودية على المدينة القديمة.
كما نقل عن تسيفي غرينهود العامل في هيئة الآثار والمختص بآثار القدس القول في اجتماع أكاديمي في الفترة ذاتها «أن قسماً كبيراً من الحفريات في المدينة القديمة هي عمليات ممنهجة » في حين قالت صحيفة هآرتس إن مسؤولين كباراً في سلطة الآثار
أكدوا أنه يتم القيام بحفريات أكثر من اللازم في المدينة القديمة.
وتقوم سلطة الآثار بأعمال الحفريات الآثارية وتقوم روابط للمستوطنين بالتمويل لإسكان اليهود في الأماكن التي يتم إخلاؤها بحجة الحفريات في القدس الشرقية فتقوم «عطيرت كوهانيم» بتمويل الأعمال في شاعر هبراحيم = بوابة الزهور/شمال المدينة القديمة وتحت كنيس/أرهل يتحساك =خيمة اسحق/ في الحي الإسلامي على مسافة 150 متراً تقريباً من أسوار الحرم القدسي، وكما نلاحظ يشددون على الأسماء العبرية وتمول رابطة «العاد» الناشطة في منطقة مدينة داوود (حي سلوان) الحفريات في /بريخات هشيلوح=بركة هشيلوح/وفي ساحة «جفعاتي » وسفوح جبل صهيون وتقوم رابطة «صندوق تراث الحائط «رؤساؤها مقربون من المعسكر الديني القومي» بتمويل الحفريات في ثلاثة مواقع في منطقة (حائط المبكى): توسيع أنفاق الحائط في القسم الغربي من ساحة الحرم وتمويل الحفريات كذلك في منطقة بوابة المغاربة و«مدرسة الشتات» في جبل صهيون قرب بوابة صهيون.