تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بخل الأبناء ظاهرة مكتسبة أم فطرية؟!

مجتــمـــــع
السبت 8-10-2011
وفاء سليمان

شيء جميل أن نزرع السجايا الحسنة والأخلاق الحميدة في نفوس أبنائنا والأجمل من ذلك أن نقتلع ماقد ينبت فيهم من خلال احتكاكهم ومخالطتهم للمجتمع الخارجي، فالأطفال بفطرتهم يمتلكون كل البراءة والصفات الفطرية الجميلة من كرم وصدق وحسن معاملة وأشياء أخرى كثيرة إلا حين تظهر أمامهم بعض المواقف التي ترسم بداخل صفائهم صوراً معينة من خلالها قد يتغير منظورهم للأمور.

في صدد هذه العادات الدخيلة التي يتعلمها الطفل هناك عادة سيئة جداً في الكبير فكيف بها عند الصغير وهي ظاهرة (البخل) التي نادراً مانلاحظها عند الصغار إذ لطالما رصدت الروايات العالمية والمسرحيات شخصية الإنسان البخيل سواء لدى موليير في مسرحيته الشهيرة (البخيل) أم لدى غيره، فقد رأينا كيف يحب البخيل كل قطعة نقدية من ماله وحرصه الشديد على أن يكون دائم القرب منه وكيف يتجنب الإنفاق ويحزن على مايصرفه من مال.‏

لكن إذا حدث يوماً ولاحظت أن طفلك على علاقة خاصة جداً بالمال وأنه يضع القرش على القرش ويدخر كل ماتعطيه إياه من نقود ولايشتري بها أي شيء لنفسه، طبعاً هذه ظاهرة غريبة وربما مستهجنة عند الأطفال خاصة، فهذه العلاقة بين الطفل والمال لابد وأنها تخفي وراءها معنى ما، فليس من المعقول أن تكون صفة فطرية ولدت مع الطفل إذاً فهي مكتسبة ولاشك. لأن الطفل في أيامنا هذه تفتحت عيناه على أمور كثيرة إن كان من خلال رؤية صورة الفقر على الشاشات التلفزيونية أو في الشارع وقراءة قصص وسماع حكايات عن ذلك، هذا بالإضافة إلى حوارات الكبار حول المال كالأم والأب مثلاً فربما عندما يصل إلى عمر معين تقلقه فكرة أن الأسرة قد تعيش الفقر والعوز وربما كان من الجيد أن يشعر الطفل بنوع من الإحساس بالمسؤولية تجاه الأهل والحياة طبعاً ليس لدرجة اكتساب صفة البخل.‏

لهذا من واجب الأهل أن يطمئنوا طفلهم ويؤكدوا أن حاجاته الأساسية سوف تلبى دائماً ضمن حدود الممكن وأنهما كوالدين سيكونان موجودين لكي يضمنا له حياة آمنة ومستقرة.‏

طبعاً لفرويد نظريته الخاصة حول علاقة الإنسان بالمال ويؤكد أن علاقتنا بالمال تعتمد في جزء كبير منها على الطريقة التي تمت تنشئتنا بها، أي إنها تعتمد على نوعية التربية التي تلقاها كل منا وماعشناه في طفولتنا مع عائلتنا هو المسؤول عن علاقتنا بالمال والمكانة التي نتبوؤها في حياتنا، فمثلاً إذا كنت تنحدر من أسرة بخيلة فمن الممكن أن ينمو ولديك العيب نفسه فتصبح بخيلاً جداً ويمكن أن يحصل العكس فيكون لديك رد فعل، أي إنه لأن والديك بخيلان وحرماك من أشياء كثيرة تصبح كريماً عكسهما وربما مبذراً بشكل مبالغ فيه، من جهة أخرى فإن الخوف من العوز والبؤس والفقر الذي قد تشعر به إذا كان والداك مبذرين ومسرفين في الإنفاق قد يتحول أيضاً إلى بخل لديك، بخل في صورة أمان لكنه أمان وهمي.‏

ليس فقط استعمالنا للمال وحده هو الذي يتحدد من خلال تربيتنا بل أيضاً إن مفهومنا لقيمة المال يتأثر بالمحيط العائلي فإذا كان الحديث عن المال هو التابوهات في البيت فإنه سينمو لدى الطفل إحساس بالخجل أو العار من النقاش في الأمور المادية وإذا تعود أن يأخذ المال من والديه لقضاء كل احتياجاته فإنه سيشعر بأنه من العيب أن يعمل ويكسب عندما يكبر لكي يؤمن احتياجاته بنفسه.‏

بالنتيجة فإن صفة البخل مكتسبة اكتساباً بحكم الظروف الخارجية أو العائلية وليست فطرية إلا ماندر؟!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية