واستغرق آخرون بالسخرية من مظهره وطريقة كلامه وتصرفه.. وهذا الحديث إن دل على شيء، إنما يدل على أهمية شخصية المعلم ومدى تأثيره على طلابه سواء سلباً أم ايجاباً، حيث يلعب المعلم دوراً محورياً في العملية التربوية، فهو عصبها ومحركها، وكم من معلم انطبعت صورته في ذاكرة الكثيرين مهما بلغوا من العمر، كقدوة ومثال يحتذى، رافقهم بنصائحه وتوجيهاته، وتبنوا آراءه وأفكاره، وانتهجوا سلوكه وتصرفه، وكان له أكبر الأثر في حبهم للمادة التي يدرسها وتخصصهم بها مستقبلاً أو كان دافعاً لهم لمهنة التدريس ، إما بسبب شخصيته أو لطريقته في التدريس ومعاملته الحسنة ومظهره اللائق.
وبالمقابل كم من معلم كان سبباً في فشل البعض وكرههم لمادته، ونفورهم من المدرسة وتغيير توجهاتهم المستقبلية والانصراف لممارسة مهنة ما لم تكن بمستوى الطموحات ودون الأحلام، هرباً من فظاظته وعصبيته أو لعدم تفهمه واستخفافه وسخريته من قدراتهم ، وعدم مراعاته للفروق الفردية.
يقوي دافع التحصيل
وقد دلت الدراسات أن المعلم في المراحل الدراسية الأولى يؤدي دور القدوة والمثال النموذجي لتلاميذه، لأنهم يمثلونه ويحاكونه، ويتأثرون بسلوكه، وهو من دون شك من العوامل المؤثرة في قيمهم ومثلهم المستقبلية، فهو يتمتع بموقع فريد يمكنه من تقوية دافع التحصيل والتنافس السليم ومشاعر الكفاءة لدى طلابه، ويتم ذلك من خلال تشجيعهم وتعزيز جهودهم وإثارة اهتمامهم بالتعليم.
وإن المعلم الملتزم هو الذي يستطيع مساعدة طلابه على اكتشاف قابليتهم والتخفيف من إحساس العجز والقصور الذي يمكن ان يعانوا منه، ثم إن المعلم المهمل نفسه يعد نموذجاً لطلابه في تعاملهم مع بعضهم.
يؤثر في اتجاهاتهم
كما تؤكد الدراسات في معظمها أنه بمقدور سلوك المعلم أن يؤثر في الاتجاهات المدرسية للطلاب وفي تحصيلهم المدرسي، فمديح المعلم لطلابه يساهم في زيادة الدأب لديهم وتصميمهم على النجاح، وبالعكس فإن انعدام التشجيع والاهتمام والمديح يجر الطالب إلى خفض توقعاته عن نفسه ويحد من نشاطه المدرسي ، لكن لابد من التأكيد أن الملاحظات ليست سوى تعميمات إذ يمكن لبعض الطلاب وبسبب إصرارهم الشخصي أن يندفعوا لتحسين أوضاعهم بواسطة النقد الشديد.
يسهم في تكوينهم نفسياً واجتماعياً
ولمعرفة المزيد عن سبب تأثير المعلم بطلابه وماهي السمات التي ينبغي أن يتحلى بها، التقينا بالدكتورة منى كشيك- الاختصاصية التربوية ، التي أشارت إلى أن المعلم هو المسؤول الأول في المدرسة عن التأثير في تنشئة التلاميذ ، كونه أكثر أعضاء المدرسة صلة بهم، ويتوقف تفاعل المعلم مع تلاميذه وبالتالي تأثيره فيهم على شعور التلاميذ نحو المعلم وعلى شخصيته، ومدى ايمانه بعمله وحبه له وفهمه لمراحل نمو التلاميذ ومسايرته لميزاتهم.
وما من شك أن المعلم يعتبر رائداً اجتماعياً يسهم في تطوير المجتمع وتقدمه عن طريق تربية النشء تربية صحيحة تسهم في حب الوطن والدفاع عنه والمحافظة على التراث الإنساني، وتسليح طلابه بطرق العمل الذاتي بما يمكنهم من متابعة اكتساب المعارف والمهارات ، وغرس قيم العمل الجماعي وتعويدهم ممارسة الديمقراطية في حياتهم اليومية.
وهناك سمات أساسية مرتبطة بشخصية المعلم، أولها القدوة الصالحة التي تعد من أنجع الوسائل المؤثرة في إعداد المتعلم وتكوينه نفسياً واجتماعياً إضافة إلى اتقانه لعمله والإخلاص فيه، والعدالة في المعاملة ، والثقة بالنفس وحسن المظهر غير المبالغ فيه.
الاهتمام بنمو شخصياتهم
وأضافت د. كشيك... كما أن هناك سمات مرتبطة بأدائه من حيث مراعاة خصائص كل متعلم والفروق الفردية، والاهتمام بالنمو المتكامل لشخصية المتعلم، والربط بين النظرية والعلم والعمل، واستخدام أساليب متنوعة في التدريس، وانتهاج طرق المناقشة والحوار والإعادة والتكرار والتشويق والإثارة، ما يسهم في زيادة الفهم وإدراك موضوع الدراسة بما ينعكس ايجاباً على العملية التدريسية وخلق جو ملائم يسوده الانسجام بين طرفي المعادلة وهما المعلم والطالب.