امتلكت ناصية الإبداع عبر إعطاء كل شخصية حقها لتأتي أقرب إلى المصداقية والحقيقة ، هي تعرف ما تريد بدقة وتعمل جاهدة لتحقيق ما تصبو إليه .. إنها الفنانة هناء نصور التي ترى في التمثيل (إعادة صياغة الروح مرة ثانية) ، معها كانت لنا هذه الوقفة :
ـ سبق وتحدثت عن (فيض إنساني) يميز دورك في (دامسكو) ، فمن أين ينضح هذا الفيض وما أدواتك للتعبير عنه ؟
يأتي الفيض الانساني من محافظتي على ذاتي من الانسياق وراء المألوف وتساهل التحدي والتخلي عن القيم ، فقد سعيت دائماً للحفاظ على روحي من الانهزام حتى في أشد الظروف حلكة ، درست وأدرّس هذا الأمر للطلاب ، فإن كان وجهي يحمل صفة الطيب فلأنني من داخلي حقيقة طيبة ولا ادعي ذلك ، وإن كنت صادقة فلا يمكن أن أظهر كاذبة . وبالتالي ليس لدي أداة للتعبير سوى روحي ، فصدقي يبدأ من تصديق ما أقدم ، وأرى أن التمثيل هو حقيقة وروعة الأمور من الداخل وإعادة صياغة الروح مرة ثانية .
وتحمل الشخصية التي أديتها في المسلسل بعداً إنسانياً ، فهي الأم الطيبة والصبورة والمعطاءة التي ربت بناتها على القيم والأخلاق رغم ما تعانيه من حسرة ، وعندما تكتشف إصابتها بالسرطان تفضل أن تعيش ما تبقى لها من وقت بفرح لأن الموت لا يعني لها شيئاً ، فترفض أن تأخذ الجرعات الدوائية لأنها يمكن أن تُسعد ابنتها العروس بثمنها .
ـ إلى أي مدى استطعت التعبير عن قضايا وهموم أبناء جيلك من خلال ما قدمت من شخصيات ؟
لم يتراكم لدي (كم) من الأعمال لأعبر من خلالها عن أبناء جيلي ، كما أنني لست المسؤولة عن إعطاء نفسي أدواراً معينة ، فأحياناً أكون رهينة في خضم الوضع الاجتماعي الصعب والأزمة حيث بات عدد الأعمال أقل بكثير مما كان عليه في السابق ، وحتى الآن لم أستطع أن اختار ، بمعنى أن يُعرض علي عشرة أعمال (على سبيل المثال) وأختار ما أريد تقديمه منها ، ولكني أشعر بالسعادة لأنني مدرّسة في المعهد العالي للفنون المسرحية ، وهو الأمر الذي حقق جزءاً من ذاتي وحضوري في المجتمع ، فلدي مشروعي في أن أكون معلمة ، لشيء أنا ممتلئة فيه فأقرن الفن مع الأخلاق ، وتربية الممثل من الداخل على مشروع له علاقة ببلده وانتمائه وحسه ، وبالتالي يمكنني عبر التدريس المساهمة في بناء جيل جديد يكون أقوى مني .
ـ هناك أعمال سلطت الضوء على السلبي في المجتمع .. فمتى تشكل تكريساً لهذا السلبي بما يحمل من قيم ومفاهيم ، ومتى تكون صوتاً صارخاً وناقوساً يدق في وجه تكريسه ؟
عندما أشير إلى أن هذا السلوك خاطئ وأنبذه اجتماعياً وأبحث عن أسباب وجوده عندها أدق ناقوس الخطر ، ولكن عندما أبرر وجوده فهذا يؤدي لتفسخ في المجتمع ، فإن كان هناك فكر ايجابي بأن أُظهِر تفسخ العائلة فهذا جيد ولكن أن أبرر هذا الفعل وأظهره على أنه الحرية المنشودة !.. إنها كلمات صدقها الجيل الجديد ويتعامل بها ، وبالتالي عندما أكرس هذا الأمر في الدراما أكرسه على أنه شيء صحيح في حين ينبغي أن أكرسه من باب أنه غير صحيح وينبغي التحذير منه .
ـ إلى أي مدى نجحت الدراما السورية بأن تكون عنصر توعية وناقوساً يدق في وجه خطر القيم السلبية في المجتمع ؟
سبق وشاركت في مسلسل (حائرات) وهو عمل مضيء دق ناقوس الخطر وأظهر الفساد ، وكذلك الأمر في (تحت سماء الوطن) ، وأرى أن النص هو العنصر الأساسي والجوهرة الحقيقية العمل ، وما نحن إلا حملة هذه الجوهرة ، فقد كانت الدراما السورية في مرحلة ما تدق ناقوس الخطر فعلاً وهناك حملة فكر ابداعي وقُدمت أعمالاً كادت أن تستلم الطريق الحقيقي لها لولا وقوع الأزمة ، فبات هناك استسهال فرضته الظروف القاسية ، على الرغم من أن الفن يقوى في الأزمات عادة .
fouaadd@gmail.com