واكد البروفسور مارات مومسين رئيس مؤسسة التحليلات الاستراتيجية الروسية ان استخدام روسيا حق النقض هو نصر كبير لان الغرب كان يبيت نيات عدوانية ضد سورية وخاصة ان تجربة ليبيا المريرة لا تزال ماثلة امام اعين الجميع وليست لدى روسيا اي رغبة في تكرار السيناريو الليبي مرة اخرى.
وأضاف مومسين في حديث لمراسل سانا في موسكو أمس ان الخبراء والمحللين الروس المتخصصين في مسائل الامن والسياسة الخارجية يجمعون في الرأي على تأييدهم للقيادة الروسية ويرون انها استخدمت بصورة صائبة مع الصين حق النقض لمنع احتدام الوضع ليس في سورية فحسب بل في العالم بأسره.
واكد الباحث الروسي ان سورية تلعب دورا جيواستراتيجيا مهما جدا في الشرق الاوسط مشيرا الى ان دول الغرب لا تتورع عن افتعال ازمات واضطرابات في مختلف مناطق العالم وهي تستهدف في نهاية المطاف روسيا الاتحادية بالذات التي تتعرض ايضا لتهجمات حادة.
واوضح ان الولايات المتحدة ودول اوروبا التي تجد نفسها عاجزة عن حل مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة تلجأ الى اثارة حروب تتخذ اشكالا مختلفة لتقويض الاوضاع في الدول الاخرى واغتصاب ثرواتها بما في ذلك حشد جيوش اعلامية بعشرات الالوف من الاختصاصيين وذوي الكفاءات العالية لشن شتى انواع الكذب والخداع والتضليل التي شاهدناها في ليبيا ونشاهدها حاليا ازاء سورية لان الحرب المعاصرة لا تحسم نتائجها بواسطة القصف الصاروخي عن بعد واستخدام الطائرات والدبابات والمدفعية فحسب بل بالدرجة الاولى عبر تشكيل اجهزة خاصة وتجنيد مرتزقة اعلاميين يقومون بشن عدوان اعلامي واسع.
واشار مومسين الى ان الغرب يستخدم على نطاق كبير المطالب المحقة والمشروعة لجماهير واسعة من الناس في البلدان الاخرى لتحسين الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويقوم بتأليبها على الحكومات الشرعية ويشكل طوابير خامسة ومن ثم مجموعات ارهابية مسلحة ويقوم بتدخل مسلح في نهاية المطاف لتقويض الاوضاع في تلك الدول.
وفي حديث مماثل لمراسل سانا قال الكسندر كوزنيتسوف كبير الباحثين في المعهد الروسي للابحاث الاستراتيجية في جامعة موسكو الحكومية اننا نلاحظ في الاشهر الاخيرة نشوء اضطرابات واعمال احتجاج جماهيرية في بعض الدول العربية ذات اسباب داخلية بالطبع ولكن ما يجري في سورية بالذات ناجم بالاضافة الى ذلك عن تدخل خارجي واضح المعالم في شؤونها الداخلية.
واشار كوزنيتسوف الى ان هذا التدخل الخارجي في سورية يجري من قبل الولايات المتحدة بالدرجة الاولى ودول حلف الناتو وبعض الدول المجاورة مشيرا الى ان القيادة السورية انتهجت خط الاصلاحات لكن من الواضح ايضا انه لا يمكن تنفيذ الاصلاحات حتى النهاية في ظروف الفوضى والاعمال المسلحة الرامية الى تقويض الوضع في البلاد.
واكد الباحث الروسي ان نتائج التصويت في مجلس الامن الدولي على مشروع القرار الغربي ضد سورية كانت متوقعة تماما لان سورية تعتبر منذ وقت بعيد شريكا جيواستراتيجيا مهما لروسيا في منطقة شرق البحر المتوسط اضافة الى علاقات الصداقة والتعاون الراسخة بين شعبي البلدين ووجود مصالح استراتيجية واقتصادية لروسيا في المنطقة ايضا.
واوضح كوزنيتسوف ان الاسباب العميقة لممارسة الضغوط الهائلة على سورية وفرض عقوبات عليها من قبل دول الغرب تعود الى ان فرنسا وبريطانيا تقاسمتا منذ عام 1916 بواسطة معاهدة سايكس بيكو بلاد الشام التي تمثل وحدة تاريخية وثقافية لشعوب سورية ولبنان والاردن وفلسطين وعمدتا الى تفتيتها بصورة مصطنعة الى عدة دول لتسهيل استعمارها ونقف حاليا امام محاولات جديدة من قبل المستعمرين الجدد لتفتيت هذه الدول من جديد وتحويلها الى دويلات عديدة ولكن سورية تقف في وجه هذه المحاولات بوصفها لاعبا قويا يحول دون تنفيذها ولذلك فاننا نشهد هذا الهجوم القوي الذي تتعرض له سورية في الظروف الراهنة.
بدوره قال سيرغي بابورين النائب السابق في مجلس الدوما رئيس لجنة التضامن الروسية مع شعبي سورية وليبيا رئيس الجامعة الحكومية الروسية للتجارة والاقتصاد في موسكو انه شأنه شأن الغالبية العظمى من مواطني روسيا يعتقد أنه لم يكن هناك أي شيء خارق للعادة في استخدام روسيا لحق الفيتو في مجلس الامن.
وأوضح بابورين في حديث مماثل أن روسيا قامت بما كان يجب عليها القيام به وما حذرت منه مرارا في وقت سابق لان الشعب الروسي لا يدافع عن أحد في سورية ولا يريد فرض شيء فيها ولكنه ضد أن تتدخل أي جهة خارجية في حياة الشعب السوري ويقف ضد تكرار مأساة العراق وليبيا في سورية.
وأكد السياسي الروسي أنه كان يجب استخدام حق الفيتو لان مشروع القرار الغربي لم يكن يتجاوب مع مصالح السلام وحقوق الانسان في سورية بل كان يخدم مصالح البلدان الغربية التي تريد التدخل في الشؤون الداخلية لسورية وخلق قاعدة للعدوان عليها.
وقال بابورين انه سعيد بتلك الهيستيريا الناشئة حاليا في الولايات المتحدة وأوروبا بصدد نتائج التصويت في مجلس الامن مشيرا الى تولد انطباع لديه بأنهم تعودوا في الغرب على انه ليس لدى روسيا رأي في الاحداث الدولية وكان يجب علينا تذكيرهم بأن روسيا تملك وجهة نظرها الخاصة بها وأنها تعلمت من جديد الذود عن وجهة النظر هذه عند اللزوم.
وأكد أن نتائج التصويت تبعث الامل لديه بأن ماجرى يعني عودة روسيا الى تنفيذ رسالتها التاريخية بأن تكون ضامنة للاستقرار في العالم.
وأشار بابورين الى أن أعضاء لجنة التضامن الروسية مع شعبي سورية وليبيا الذين زار الكثيرون منهم سورية واطلعوا على حقيقة الاوضاع فيها تشكلت لديهم قناعة عميقة بأن هناك استفزازات هائلة تمارس ضد سورية من الخارج وأن المجموعات الارهابية المسلحة تقتل المواطنين الابرياء وتغتال العسكريين ورجال الشرطة والامن وموظفي الدولة والمثقفين لتقويض الوضع في سورية مؤكدا أن التصدي لهذه المجموعات مبرر تماما.
وقال بابورين اننا نؤيد مبادرات وخطوات الرئيس بشار الأسد لتطوير النظام السياسي وتطبيق التعددية الحزبية وتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق بعيداً عن الوصايا والنصائح من الخارج بل استناداً الى التقاليد الوطنية العريقة بهدف تحديث الدولة والمجتمع.