تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الجوع ..وإحياء نظرية مالتوس

شؤون سياسية
الأحد 8/6/2008
ممدوح الزوبي

هل وصل العالم إلى درجة من التوحش بحيث يحرم فرداً من غذائه لعام كامل ليوفر وقوداً لفرد آخر لمدة يوم أو يومين? هل يسعى العالم الرأسمالي إلى إحياء نظرية مالتوس التي تقضي بإشعال الحروب للقضاء على شعوب العالم الثالث وتوفير غذائها للعالم المتمدن?

الأرقام مرعبة, فإنتاج 50 ليتراً من الوقود البيولوجي يحتاج إلى حوالى 200 كليو غرام من الذرة, أي ما يكفي لتغذية إنسان على مدى عام كامل وأسعار المواد الغذائية المستعملة في إنتاج الوقود البيولوجي مرشحة للارتفاع للتضاعف في العام ,2010 الأمر الذي يرفع الذين يموتون سنوياً من الجوع إلى عشرات الملايين.‏

والمعاناة لاتقتصر على طبقة الفقراء الذين يتضاعفون باستمرار, وإنما تجاوزهم إلى الطبقة الوسطى التي تعيش حالة إرهاق وعدم يقين بشأن المستقبل. وهذه الطبقة التي انهارت في بلدان عدة, لاتزال تجاهد من أجل عدم الهبوط قسراً إلى أدنى درجات السلم الاجتماعي والانتماء إلى خط الفقر, وهذا يعني أن أبناء الفئات المتوسطة يعيشون نوعاً من التفكك, في ظل سطوة الأغنياء الذين يحصلون على كل شيء ولايتركون لهم إلا الفتات, الأمر الذي يزيد الكراهية الاجتماعية والسياسية بين مكونات المجتمع بشكل عام.‏

ومن بين الأرقام المذهلة التي وردت في تقارير الأمم المتحدة حول الأمن الغذائي, أن كل ارتفاع بنسبة 1 في المئة في أسعار المواد الغذائية الأساسية, يضيف حوالى 16 مليوناً إلى قائمة المتضررين من المجاعة(850 مليوناً في الوقت الراهن), ما يعني أنه من الآن وحتى العام 2025 فإن عدد سكان العالم الذين يعانون المجاعة سوف يصل إلى 1,2 مليار نسمة, هذا يعني أيضاً أنه لن تكون هناك عدالة وأمن حيث يكون الجوع سائداً, لأن تحقيق عالم عادل وآمن لن يكون ممكناً إلا إذا تمكن كل رجل أو امرأة أو طفل أو طفلة من العيش بكرامة من دون حيرة حول كيفية تأمين لقمة العيش.‏

والغالبية العظمى من الجياع موجودة في العالم النامي, وبعض هؤلاء يعانون الجوع المزمن, أما في العالم العربي فيقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم ب 8 ملايين شخص, وإجمالي الذين يعانون سوء التغذية ب 34 مليون شخص, كما أن الأطفال الذين هم دون الخامسة والذين يموتون سنوياً من سوء التغذية هم مليون طفل, والمحرومون من فرص الحصول على مصادر مياه صحية 42 مليوناً, والمحرومون من خدمات صرف صحي 52 مليوناً.‏

أخيراً أليس من الأجدى وضع استراتيجية طموحة للانتاج الزراعي وخاصة في تلك الدول التي تعاني أصلاً وبشكل مزمن من نقص الغذاء والمجاعات.‏

فالحقيقة التي لم يعد ممكناً تجاهلها في أي قرار سياسي, هي أن خارطة الجوع في العالم تتسع اليوم لأكثر من 36 دولة, معظمها في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية, وأن خفض عدد الجياع لن يكون مهمة سهلة في المدى القريب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية