تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في كتابه ... ماذا حدث?ماكليلان يكشف المستور

شؤون سياسية
الأحد 8/6/2008
أحمد برغل

في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان ماذا حدث اعترف أحد أركان البيت الأبيض السابقين سكوت ماكليلان العضو السابق في الدائرة الضيقة لإدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش,

والمتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض من 2003 حتى 2006 بأن حرب العراق كانت خطأ استراتيجياً فادحاً وأنه قد تم تسويقها من خلال الغش والخداع, وعبر كونغرس مذعور والشعب كان لا يزال يترنح جراء صدمة أحداث الحادي عشر من من أيلول.‏

في هذا الكتاب أطلق ماكليلان تعبير ثقافة الخداع على سياسة الإدارة الأميركية حيال العراق, ثقافة عممتها إدارة الرئيس جورج بوش معتمدة الاعلام لتضليل الشعب الأميركي قبل تضليل شعوب العالم, وشارك ماكليلان بحماسة منقطعة النظير في ارسائها.‏

وهنا لا بد من التذكير أن الرجل كان عضواً فيما أطلق عليه عصابة تكساس رافق بوش مع آخرين بينهم عقل الرئيس كارل روف وكارين هيوز منذ كان حاكماً لولاية تكساس وعمل معه في تلفيق الأكاذيب خلال حملته الانتخابية كلها.‏

فضيلة ماكليلان أنه الوحيد في الإدارة الأميركية الذي تجرأ على فضح أسرار بات معظمها معروفاً لكنها المرة الأولى التي تأتي على لسان واحد من أشد مساعدي الرئيس إخلاصاً وتفانياً.‏

قبله من الذين سبقوه في الهروب من سفينة بوش الغارقة ومغادرة البيت الأبيض لم يقدموا على نشر شيء من تجربتهم مع الإدارة الأميركية, فكارل روف التزم الصمت لأن بوش بقي يدافع عنه حتى آخر لحظة في مواجهة اتهامه بإنشاء سر عملية ل سي آي ايه وتضليل القضاء, أما كارين هيوز فقد منعها فشلها المدوي في تحسين صورة أميركا في الشرق الأوسط من نشر شيء عن تجربتها الواسعة.‏

وإنصافاً للحقيقة فإن ماكليلان ليس وحده في إدارة بوش من فضحها وتحدث عن تلفيق وتزوير وتضليل, فوزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول الذي عرض في الجلسة المشهورة لمجلس الأمن الدولي قبيل الغزو أفلاماً قال إنها وثائقية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية اعترف لاحقاً بأنه كان ضحية »خديعة« وعرض أفلاماً مزيفة.‏

إن جل ما قاله ماكليلان الذي كان يشغل منصب المتحدث باسم البيت الأبيض إنه فضح ما كان معروفاً ومن موقع من كان يسهم بالتضليل الإعلامي من خلال إطلالته اليومية على الإعلاميين للتغطية على الحقائق والوقائع لخدمة أهداف محددة للسياسة الأميركية.‏

يقول ماكليلان لقد أضحت واشنطن مصدراً لحملة دائمة أو لما يمكننا أن نسميه لعبة مستمرة من المناورات الحزبية القائمة على إساءة استغلال ظلال الحقائق والحقائق المتحيزة والتلفيق..لعبة أصبح فيها الحكم ملحقاً بالسياسة وليس العكس..لعبة يتخذ فيها الانتصار الانتخابي والسيطرة على السلطة مقياساً للنجاح.‏

الواقع إن ثقافة الخداع التي تحدث عنها ماكليلان في كتابه ما زالت سارية حتى الآن اعتمدها أركان الإدارة الأميركية الذين غادروها أمثال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع السابق وحاكم العراق السابق بول بريمر ولويس سكوتر مستشار نائب الرئيس ديك تشيني ولا يزال الذين حلوا مكانهم يعتمدونها.‏

عندما حاولت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس الرد على ما ورد في كتاب سكوت ماكليلان الذي اتهم فيه الرئيس جورج بوش بممارسة الخداع فيما يتعلق بغزو العراق واحتلاله لم تجد ما تقوله سوى إن الحرب لم تكن خطأ بل كانت لتحرير شعب العراق من صدام حسين.‏

كذبة ما بعدها كذبة, إنها بذلك إنما تصر على مواصلة ممارسة الخداع الذي شاركت فيه باعتبارها كانت تشكل أيام الغزو منصب مستشار الأمن القومي.‏

وتعلم رايس قبل غيرها أن تبرير الغزو يومها لم يكن لتحرير شعب العراق من حكامه ولم يكن الهدف منه احلال الديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان فهذه القضايا لم تكن مطروحة.‏

ما تم إعلانه يومها كمبرر للغزو كان امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وعندما انكشفت حقيقة الزيف والكذب والتضليل تم اللجوء إلى مبررات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان التي تؤكد الممارسات اليومية لقوات الاحتلال على أرض الرافدين مدى تعارضها مع الواقع, لأن الهدف الحقيقي احتلال العراق وتفتيته وتدمير مدنه وقراه وقتل شعبه وسرقة ثرواته النفطية خدمة لإسرائيل.‏

من خلال هذا التضليل حاولت رايس القفز فوق الحقائق لاثبات وجهة نظرها بشأن صوابية الغزو بالقول إن المجتمع الدولي فرض عقوبات على العراق جراء ما كان يمثله من خطر لكنها تناست مدى الضغوط التي مارستها الإدارة الأميركية على دول العالم وعلى مجلس الأمن الذي تهيمن عليه من خلال تفردها بالنظام العالمي وتوجيهه وفقاً لمقتضيات الهيمنة الامبراطورية على العالم. ما يجري في العراق على يد الاحتلال من تفتيت لهذا البلد وتقسيم طائفي ومذهبي وإثني واغراقه في بحر الدم والفوضى يكفي لدحض كل مقولات الإدارة الأميركية وما كشف عنه ماكليلان لم يكن سوى القليل من الحقائق والوقائع.‏

إن الحرب على العراق التي أدت إلى قتل أكثر من 1.2 مليون عراقي وشردت الملايين من أبنائه في الداخل والخارج, والتي تتواصل حتى اليوم دون أن تلوح لها نهاية قريبة في الأفق لهي فضيحة وجريمة بحق الإنسانية ومطلوب محاكمة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة باعتبارهم مجرمي حرب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية