يشعرون بشيء أعمق وأخطر من ذلك بكثير فهم يدركون اليوم أننا لم نعد تلك الدولة القوية وذلك لأننا بدأنا باستدانة الأموال من دبي وسنغافورة لدعم مصارفنا, في الوقت الذي يخبرنا فيه جنرالاتنا في العراق من أن جهودنا باتت هباءً منثوراً وأننا لانستطيع فعل شيء حيال ذلك لأننا لانملك القوى اللازمة أو النفوذ وهذا يعني أنه كلما طالت وامتدت فترة إقامة قواتنا في العراق كلما أصبح اقتصادنا أكثر اعتماداً على نفط » الشرق الأوسط «, لذا كان على الرئيس الأميركي الذهاب إلى المملكة العربية السعودية راجياً إعطاءنا إعانة أو تخفيض بسيط على أسعار المحروقات, وأعتقد شخصياً بأن ذلك كان عادلاً بما فيه الكفاية إذ عندما يخبر الرئيس الأميركي شعبه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول بالذهاب للتسوق عوضاً عن المباشرة والبدء في وضع خطة عملية لتخفيض احتياجاتنا النفطية أو لإيجاد طريقة ما للخروج من هذا المأزق سينتهي به الأمر ( أي الرئيس ) وهو يجوب متجولاً وراجياً الحصول على تخفيضات, والحقيقة هي أن أميركا لم تعد قوية كما كانت, فخلال العقود الثلاثة وفي غفلة عن أميركا تمكنت القيم والمبادئ الآسيوية المتمثلة بالعمل الدؤوب والسعي وراء التحصيل العلمي بالإضافة إلى الادخار والاستثمار من تحقيق الكثير, وهنا أتذكر إجابة دونالد رامسفيلد السيئة عن سؤال أحدهم لماذا لم نرسل المزيد من القوات إلى العراق..? أجاب أنت تذهب إلى الحرب بالجيش الذي تملكه لكنه نسي بأننا أيضاً نذهب إلى المستقبل بالبلد الذي نملكه وليس بالبلد الذي نحتاج إليه ..?
لكن السؤال هو كيف يمكن لذلك أن يكون ..? وكيف يمكن لقوة عظمى أن تصل إلى حد استدانة الأموال من سنغافورة?
هل لأن سنغافورة تستثمر بلايين الدولارات في بناء البنى التحتية والبحوث العلمية لجذب أفضل وأحسن المواهب والخبرات الأميركية والعالمية..?
مع العلم أن السيد درو فاوست والذي يشغل منصب رئيس جامعة هارفرد صرح في إحدى جلسات مجلس الشيوخ الأميركي عن أن تخفيض الحكومة التمويل المالي المخصص للبحوث العلمية قد أدى إلى نقص في المختبرات وإلى توقف بعض الأطباء عن العمل في الوقت التي تبنت فيه الهند والصين وسنغافورة بحوث الطب الإحيائي وعملت على بناء مجموعات وتقنيات لاستخدام العمليات الحيوية كأهداف قومية لها وفجأة أصبح لكل من تدرب في أميركا خيارات هامة للعمل خارجها والأمر المضحك هو ماكتب عن خشونة هيلاري كلينتون وباراك أوباما الذي سيكون قوياً بما فيه الكفاية لمقاومة هجمات الجمهوريين والمضحك بالأمر هو أننا لسنا بحاجة إلى رئيس قوي للتصدي لكذب وإدعاءات خصومه بقدر مانحتاج إلى رئيس يتمتع بالقوة الكافية لإخبار الشعب الأميركي بأننا لسنا أقوياء كما نعتقد وهانحن نعيش على استدانة الوقت والأموال على الرغم من أننا لانزال نملك مقومات الأمة العظيمة لكن تلك الأمة لن تتمكن من النهوض مجدداً والمحافظة على عظمتها إلا إذا عدنا للعمل داخل بلادنا ولا أعتقد بأن باراك أو هيلاري قادران على القيام بذلك إذ إن الأول وحده لايكفي.
2008/5/31