وذلك بمناسبة مرور 21 عاماً على رحيلها المأساوي حين وضعت نهاية لحياتها خلال عام 1987 بتناولها جرعة زائدة من الحبوب المنومة.. جرعة زائدة على طريقة مارلين مونرو, رغم سقوط فرضية انتحار الأخيرة, وترجيح فرضية قتلها بتدبير من الإدارة المركزية لشبكة ال سي آي أيه.
ولقد أثار انتحار داليدا موجة تساؤلات حادة في مدن وعواصم الفن الكبرى, تساؤلات ذكرت بفواجع انتحار العديد من الفنانين, وعادت من جديد تبحث عن أجوبة لأسباب انتحارهم. والمعروف عن داليدا أنها ولدت في منطقة شبرا المصرية خلال العام 1933 وترعرعت بين والديها المهاجرين من ايطاليا, ويقال إنها انتزعت لقب ملكة جمال مصر خلال العام 1954 وهذا الفوز حملها إلى باريس عاصمة عواصم الفن لتنطلق في سماء الشهرة والنجومية.
وسرعان ما وصلت اغنياتها إلى المراتب الأولى في المحطات الإذاعية الأوروبية. كما تصدرت صورها اغلفة أشهر المجلات الفنية العالمية, وخلال فترة نجاحها لم تنقطع عن جمهورها العربي حيث قدمت له مجموعة من الأغنيات باللغة العربية من أبرزها : حلوة يا بلدي وسالمة يا سلامة ,أسعد ناس.. كما سجلت بصوتها بعض الأغنيات العربية التي اشتهرت بأصوات كبار المطربين والمطربات أنت أنت لمحمد عبد الوهاب , ياجميل ياجميل لفريد الأطرش, على قد الشوق وأهواك لعبد الحليم حافظ, زوروني كل سنة مرة لسيد درويش وغيرها. مع الإشارة إلى أنها قدمت بعض أغنياتها الشهيرة بسبع لغات حية, وسجلت حوالي ستمائة أغنية فرنسية.
ورغم كل ماحققته من مجد وشهرة وثروة ظلت فكرة الانتحار تراودها واشارت سينتيا الاسمر في البرنامج إلى أن انتحار زوجها الاول وضعها امام عدة محاولات انتحار فاشلة قبل ان تنجح في محاولتها الأخيرة, وداليدا لم تتعاطف مع العرب بأغانيها العربية فقط وإنما برز تعاطفها أيضاً في أحاديثها التلفزيونية التي استمعنا إلى بعضها في البرنامج ,حيث كانت تؤكد وفي كل مرة أنها تعتز بانتسابها إلى مدينة شبرا المصرية بحكم الولادة.
ولقد عمدت إلى دمج بعض الإيقاعات التي تؤكد وحدة الفن, وذلك في محاولة لتجاوز الانقسامات التي تؤدي إلى المزيد من الويلات والحروب والمآسي : فالثقافة الغنائية التي تدعم خطوات الانفتاح بين الشرق والغرب لا يمكن أن تكون إلا إيجابية فهي تساهم ولو بنسبة معينة في تفعيل وتمتين روابط الحوار بين الحضارات, وتؤدي بالتالي إلى ولادة نوع من التفاعل والتقارب بين الثقافات والشعوب. المفارقة التي يمكن التوقف عندها هنا تكمن في أن داليدا شأنها شأن العديد من الفنانين الاجانب , اظهرت في أعمالها وأقوالها مواقف الانتماء إلى حضارتنا والتعاطف مع ثقافتنا وإرادتنا العربية, في وقت نجد فيه أن العديد من العرب فقدوا مشاعر واحاسيس الانتماء إلى أوطانهم, واختاروا لأنفسهم مواقف معادية لعروبتهم.