ونستطيع القول إن هذه المتابعة الإعلامية من قبلنا لواقع القرى العطشى لاقت ارتياحاً من الناس القاطنين فيها, كما لاقت اهتماماً من السلطات المعنية في المحافظة والعاصمة أدى إلى المباشرة بتنفيذ مشاريع لإيصال مياه الشرب لتلك القرى.. لكن رغم ذلك مازالت العديد من القرى في ريف المحافظة تعاني واقعاً سيئاً ولاسيما خلال فصلي الصيف والخريف!!.
اليوم ومع دخولنا فصل الصيف نعود لتذكير المسؤولين بسكان تلك القرى.. علهم يضعون الخطط والبرامج اللازمة للتخفيف من حدة المعاناة.
وبدل أن نتوجه إلى تلك القرى ونزورها بشكل ميداني كما فعلنا في السابق سنعتمد على بعض ماورد من ملاحظات ومقترحات في تقرير لجنة مجلس الشعب التي شكلت بقرار رئيس المجلس رقم 249 تاريخ13/11/2007 بهدف دراسة واقع مياه الشرب في محافظة طرطوس.. ومعاناة القرى العطشى فيها.
بداية نشير إلى أن اللجنة ضمت أعضاء مجلس الشعب السادة: عمران عمران الزاوي رئيساً ونعمان حمود- فهيما عروس- عبد الكريم مصطفى- رامي صالح- فواز نصور- أعضاء.. وحددت مهمتها بدراسة واقع مياه الشرب في محافظة طرطوس والوقوف على معاناة القرى العطشى وتقديم التوصيات والمقترحات المناسبة.
وقد بدأت اللجنة عملها في 23/11/2007 حيث وضعت آلية لإنجاز مهمتها تضمنت الاجتماع مع أمين فرع الحزب والمحافظ ومدير عام مؤسسة المياه لبيان مالديهم من معلومات ومقترحات حول هذا الموضوع.. وتحديد القرى العطشى وتوزعها.. والقيام بزيارات ميدانية إليها والاجتماع مع سكانها.. ومن ثم دراسة واقع القرى ووضع المقترحات المناسبة لمعالجة هذا الواقع, وبعد نحو ثلاثة أشهر من العمل والمتابعة والجولات أعدت اللجنة محضرها ورفعته لمجلس الشعب في شباط 2008 وهي تنتظر عرضه على المجلس لمناقشته وإقراره ومن ثم رفع مقترحاته إلى الحكومة لتنفيذها .
ولا بأس أن نذكر أبرز ماورد في محضرها من ملاحظات ومقترحات نظراً لأهميتها.. ونظراً لضرورة العمل من قبل السلطات الحكومية المختصة في طرطوس والعاصمة على وضعها موضع التنفيذ دون تأخير.
تقول اللجنة في مقدمة تقريرها إنها رأت فيما رأت ما يدمع العين ويدمي القلب- ولاسيما في القرى التي يقوم سكانها بإغلاق فتحات الأسطحة لكي تتجمع مياه الأمطار لتعبئتها ومنها يشربون ويطبخون الطعام.. وفي القرى التي يتوجه قاطنوها إلى مسافة تصل ل 3 كم لتعبئة جرار الماء من نبع ضعيف موجود تحت كتف ريف صخري- وفي القرى التي يتأوه فيها المريض وهو يتناول كأساً من الماء المخلوط بالأوبئة!!
وبعد ذلك تذكر وقائع اجتماعاتها ..وجولاتها. ولقاءاتها في كل قطاع من قطاعات هذه المنطقة أو تلك.. ونعتقد أنه من الضروري ذكر ملاحظاتها ومقترحاتها بشأن كل منطقة.
جرد القدموس وضع حجر الأساس لمشروع إرواء جرد القدموس عام 1988 ويشمل إرواء 58 قرية ومزرعة من قطاع القدموس وبانياس وبرمانة ولم يبدأ العمل إلا في أوائل عام ,2003 وقد لاحظت اللجنة أنه لم يتم تنفيذ الشبكات الداخلية في بلدة الطواحين (مركز الناحية).. وبعض القرى الأخرى.. كما أن الأعمال المنفذة في قرية» الحاطرية« سيئة جداً حيث يوجد العديد من المنازل لم تصلها المياه حتى الآن لتنفيذ الخزان في موقع أخفض من هذه المنازل, ولمعالجة الواقع في قرى» الجرد« تقترح اللجنة الاسراع بدراسة وتنفيذ خط الجر الثاني لإرواء جرد القدموس- والإسرع بتنفيذ خطوط الجر الرئيسية للمحاور الثلاثة في المنطقة (الجنوبي- الشرقي- الشمالي), وتمتد الشبكة الداخلية للقرى.. وتنفيذ تفريعة قرى الدي - النواطيف- باب النور- جارة الوادي من موقع قرية الحطانية ( بيت المروية) بدلاً من منطقة القدموس نظراً لقرب المساحة وقلة التكلفة.. والسماح بإعادة فتح آبار»حيالين« كونها قريبة من قرى القدموس علماً أنها آبار غزيرة وتخفف ضغطاً كبيراً عن خطوط المؤسسة ليتم تأمين الحاجة من المياه ريثما تستكمل أعمال المشروع وأن تكون آباراً داعمة للمشروع بعد تنفيذه.. وتحسين الوضع الفني للخطوط والشبكات التي تم إنجازها .
جرد العنازة تؤكد اللجنة أن كامل قرى هذا الجرد لايوجد فيها من المياه مايكفي الحاجة ,وعدد غير قليل منها يروى من تجميع المياه في أحواض ومعظمها ملوثة وينجم عنها آثار سيئة وتقترح الاسراع بإنجاز مشروع إرواء تلك القرى بالشبكات وحفر آبار داعمة.. ومد خط من نبع السن لقرى العنازة والقرى العطشى التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ثلاثين ألف نسمة وهي (بستان الحمام- المرانة- الدردارة- وادي البركة- التون الجرد- بصرمون) لدعم مشاريع المياه القائمة فيها وتأمين المياه لمواطنيها.
قطاع برمانة المشاريخ توجد 12 قرية في هذا القطاع يعاني سكانها معاناة كبيرة بسبب العطش حيث إنها لم تروَ رغم الوعود المتلاحقة بإيصال مياه نبع السن لهم.. وتقترح اللجنة الاسراع بإنجاز المشروع وإرواء هذه القرى والاعتماد على سد الصوراني بعد اتخاذ الاجراءات الفنية اللازمة لمعالجة الصرف الصحي الذي يصب فيه ومعالجة وضع الشاشة الاسفلتية.
أما في قطاع الدريكيش فتبين أنه توجد 11 قرية عطشى وتبين أن هناك أحواضاً مائية غزيرة لكنها ملوثة بمخلفات الصرف الصحي ومعاصر الزيتون حوضا نيشور والفوار, ويستغرب السكان عدم إقامة محطة المعالجة المقررة غرب مدينة الدريكيش, ولاسيما أنها ستعالج تلوث المياه في تلك المنطقة.. والمقترحات لمعالجة الواقع.. في هذا القطاع فتح آبار جديدة والاسراع بتنفيذ الآبار المقررة وتنفيذ خزان »الشويهدات« المقرر منذ عام 2003 ومعالجة وضع مياه قرية الجباب الملوثة .
قطاع صافيتا تعاني الكثير من القرى من نقص شديد في مياه الشرب صيفاً أبرزها: »الجروبة- ضهر شيحا- بيت الموعي- الأسقف- بيت الدوارة- الصليب- بيت ملهل- مشرفة كحلة- سرستان- سنديانة-عين حفاض- فتاح نصار- بيت أبو خليل- بيت الناصري- طلعة غازي - بيت معلا« والاقتراح أن يتم دعمها بآبار جديدة, وأن يتم تحسين وضع الشبكات ومحطات الضخ.
وفي سهل عكار تبين عدم وجود قرى عطشى لكن يوجد قلق وتخوف من موضوع تلوث المياه لعدم وجود محطات معالجة, والخوف من تأثير المياه الجوفية من تملح التربة, وتقترح اللجنة الاسراع بتنفيذ محطات المعالجة المقررة في الدراسة الإقليمية الشاملة والسماح بحفر الآبار الارتوازية حتى لايرتفع منسوب المياه الجوفية وتتملح التربة مع التنويه أن السهل يقوم على بحر من المياه العذبة, ويجب الاستفادة من هذا المخزون ما أمكن.
وفي الشيخ بدر تبين أن مشروع (جورة الحصان) الذي يروي أكثر من عشرين قرية قاصر, وهناك نقص كبير في المياه حيث لاتصل المياه للسكان إلا كل 15 يوماً والعطش حقيقي في القطاع الغربي من المشروع.. وفي قطاع مشروع» الديرون« لاتصل المياه لقسم من القرى إلا كل خمسة أيام مرة- وقرى( الزريقة- المريجة- عقر زيتي) غير مخدمة من أي مشروع حيث إن مشروع نبع السوادين متوقف العمل به منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وتقترح ا للجنة حفر آبار جديدة في مرقية لدعم مشروع جورة الحصان..ودعم مشروع الديرون للاستفادة المثلى من مياه النبع وإكمال العمل بأسرع مايمكن في مشروع نبع السوادين.
مقترحات عامة وبعد أن خلصت اللجنة إلى ماتقدم. قامت بمراجعة الجهات المعنية في المحافظة.. وأطلعت على الاجراءات.. والصعوبات وانتهى تقريرها بالمقترحات التالية:
* التأكيد على الإسراع بإرواء قرى جرد العنازة والقدموس ولاسيما أن السيد وزير الإسكان أكد في إجابته على أحد الأسئلة الخطية أن الاعتمادات مرصودة له في الخطة.
* الإسراع بتنفيذ محطات معالجة الصرف الصحي وفق أولويات تبدأ من المحطات التي تعالج تلوث الأحواض المائية والسدود والينابيع .
* دراسة إمكانية الاستفادة من مياه السدود المنفذة حالياً أو المقر تنفيذها في معالجة أزمة مياه الشرب.
* إنشاء سدود جديدة على الأنهر الكبيرة( الحصين- مرقية).
* دراسة إمكانية إنشاء خزانات سطحية بيتونية في كل قرية داعمة لمشاريع المياه المقررة.
* تحسين الأداء الفني في مؤسسة المياه لجهة دعم ورش الصيانة فنياً ومالياً وتزويدها بآليات ومعدات جديدة.
* ربط محطات الضخ لمشروع جرد العنازة والقدموس بخط توتر ثان.
* إنشاء هيئة لإدارة الموارد المائية المتكاملة تضم كافة الجهات المعنية بقطاع المياه( ري- مياه- زراعة- بيئة) مهمتها المحافظة على الموارد المائية والأحواض ومنع الاستنزاف الجائر لها
* منح الصلاحيات التي تخول مؤسسة المياه في إنشاء معامل تعبئة مياه على المصادر المائية التي يتوفر فيها فائض.. بمايحقق إيرادات مالية ويساهم في توفير مياه الشرب بسعر اقتصادي.
ختاماً نأمل.. ويأمل كافة أبناء القرى العطشى أن يساهم هذا التقرير في الاسراع بمعالجة قضيتهم.. وبالتالي في ايصال مياه الشرب لهم.. وأيضاً في معالجة مصبات الصرف الصحي التي تلوث المياه والتربة والبيئة.