ذلك أنه شهد وللمرة الأولى منذ سنوات حصول الفيتو من طرفين هما روسيا والصين لوأد مشروع القرار الغربي- الأميركي ضد سورية والذي أريد له أن يكون فاتحة التدخل الرسمي العسكري الفظ في الشأن الداخلي السوري.
لعل من نافلة القول التذكير بأن زمن الأحادية القطبية، ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي وتسيد الولايات المتحدة وحدها المشهد الدولي- عبر مجلس الأمن أو بالقفز من فوقه، كما حدث حين شنت أميركا والعراق العدوان والغزو على العراق واحتلاله دون أي تفويض من مجلس الأمن الدولي، أقول بقيت الولايات المتحدة وحلفاؤها سادة وحيدين في مركز القرار الدولي، لكن ذلك تغير في هذا العام، ولذا- مثلاً- اضطرت الولايات المتحدة في هذا العام لاستخدام الفيتو ضد مشروع القرار العربي الذي يطلب من الكيان الصهيوني التوقف عن الاستيطان.
وكان اضطرار الولايات المتحدة إلى استخدام الفيتو انذاراً بعدم قدرتها على ممارسة الضغط واستصدار القرارات بيسر وأحياناً عبر الهاتف، واستمرت السياسات الغربية المعادلة للعرب خاصة وللشعوب وحقوقها عامة بما أن لدى هذه القوى القدرة على استخدام مجلس الأمن الدولي لتحقيق المآرب والأطماع غير المشروعة ضد العرب والمسلمين والشعوب التواقة إلى العدالة والحرية والإنصاف عامة.
إذاً، ما حدث يوم الخامس من هذا الشهر حدث غير عادي- بل هو يمكن أن يؤشر بداية جديدة لعالم ماعادت تتحكم فيه شرعة غاب الأحادية القطبية.
من هنا يمكننا تفسير حالة الغضب وخيبة الأمل التي عصفت بالإدارة الأميركية وحلفائها في باريس ولندن وبرلين حين جاء الفيتو الروسي -الصيني على هذا النحو بالرغم من محاولات الأطراف هذه أكثر من ثلاث مرات التغلب على الرفض بتغيير بعض الكلمات واللعب عليها.
لكن ذلك لم يحل دون أن يرفض الطرفان الروسي والصيني المشروع بالفيتو المزدوج- بل باللكمة المزدوجة القاتلة.
إن الصين وروسيا عبرتا بهذه الخطوة عن رفضهما التدخل في شؤون سورية الداخلية وأحبطتا نوايا عدوانية مبيتة- الهدف منها كان استنساخ (التجربة الليبية) التي كان من نتيجتها انهيار ليبيا ونهب ثرواتها وإلى أجل غير معلوم.
نستطيع القول اليوم: إن مجلس الأمن ماعاد مسرحاً لخيالة طلقاء هم الأميركان والفرنسيون والبريطانيون- أصحاب حق الفيتو- وهم من معسكر واحد استعماري مارس ويمارس العدوان علانية ضد شعوب العالم قاطبة.
ونستطيع أن نجزم أن عهداً أممياً جديداً في طريقه إلى التكون.. وهو من قوى ترفض الهيمنة والعدوان- ويمكن أن نضم إلى الدولتين كلاً من البرازيل وجنوب إفريقيا والهند- في الحد الأدنى.
لايمكن لنا إلا أن نرفع التحية لكل من روسيا والصين اللتين جنبتا العالم من جديد حرباً مدمرة مضمرة في قاموس من لاضمير إنسانياً لديهم بقدر استهانتهم بحقوق وثروات وحريات وسيادات الدول والشعوب الحرة.
nawafabulhaija@yahoo.com