«الشــــعر الحـــر»
حصاد الورق الأحد 9-10-2011 يمن سليمان عباس لقد شكلت البدايات الأولى من تجربة «الشعر الحر» التي اختطها الرواد أمثال نازك والسياب وسواهما واستمرت زهاء عقد زمنٍ انتقالي وإذا كانت تلك السنوات
من عمر القصيدة لافتة ومؤسسة لقيم الإبداع والحرية والتحديث وحشدت الجهود التواقة للانتساب إلى العصر وروحه فكرياً وجمالياً فإن ماتلاها من عمل التجارب الشعرية وغناها وانفتاحها وتصادمها مع أفراد أو داخل جماعات مثّل مخاضاً حقيقياً لولادة الحداثة في الشعر كما يقول عبد اللطيف الوراري في الاتحاد الثقافي العدد 234 وسوف تواصل قصيدة النثر مهمات التحديث بكل ماتحمله الحداثة من إشكالية ومشاغبة وتغيير على مستويات البناء الشعري الخارجي والايقاع واللغة والدلالة من دون أن يعني ذلك بداهة انتماء كل أفراد النصوص المكتوبة تحت لافتتها إلى الحداثة الشعرية أو شعرية الحداثة فبعض النصوص المدعية الانتماء إليها لاتتجاوز نثر الأدبيات الشعرية وإيهام القارىء بمغايرة الشكل السائد من دون الاستناد إلى مبررات فنية مقنعة.
ولا مندوحة من القول إن أعمال محمد النويهي وشكري محمد عياد وعز الدين اسماعيل ويوسف الخال وأدونيس وجابر عصفور وكمال أبو ديب وخالدة سعيد وحاتم الصكر ومحمد مفتاح وغيرهم حققت مكسباً معرفياً به تعرضت الشعرية العربية إلى حريتها المعتقلة وعلى اختلافها المتلازم معها وعلى الرغم من أنها تتباين من حيث مكانها النظري واشكاليتها فهي تأتلف في الإعلان عن قراءة مغايرة لهذه الشعرية محتمية بمناهج نقدية حديثة من نفسية واجتماعية وبنيوية وسيميائية أتاحت لها معالجة إشكاليات متعددة برزت مع قصيدة الحداثة التي ما فتئت بدءاً من الانفجار الحداثي الأول تحدث انقلاباً تصورياً جوهرياً طال أطر الكتابة الشعرية وعلاقاتها بالحساسية والذات والعالم ودوالها البنائية والدلالية حتى أن حداثتها باتت تضارع في بعض وجوهها الحداثة الشعرية الغربية ضد التقليد وسلطة هيمنته في الكتابة حمل بيان يوسف الخال مشروعاً واعداً بتحديث الشعر اللبناني خاصة والعربي بوجه عام يتعدى حقل العروض إلى تحذير أهمية الرؤية والمعرفة والخبرة الكيانية في الحياة للشعر ويرتبط بروح العصر كفعل له وضعية الشمول والمغايرة والاختلاف عما سواه ونظر الخال إلى الحداثة في الشعر بأنها إبداع وخروج به على ما سلف ولم يقصرها على زمن من دون زمن بل هي حركة إبداع تماشي الحياة في تغيرها الدائم ثم أضاف بلسان حال زمنه «أن جديداً ما طرأ على نظرتنا إلى الحياة فانعكس في تعبير غير مألوف.
Yemenbbass@qmail.com
|