تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أكانت فريدا في المركز أم المحيط ؟

عن: The Guardian
ثقافة
الأحد 9-10-2011
ترجمة: رنده القاسم

 خلال حياتهما ساد جدل حول أي منهما هوالفنان الأعظم.  فكان يقال بأن دييغوريفيرا، الذي أعاد سرد التاريخ المكسيكي المضطرب عبر جداريات زينت المباني العامة في عاصمة وطنه،

قد تفوق على زوجته فريدا خالوفي كل النواحي، إضافة لكونه خبيرا في الشؤون العامة إذ كان يحب التسلية  مع الآخرين أثناء عمله.‏

أما أعمال فريدا، التي كانت تصغره بعشرين عاما، فاختلفت تماما، فبينما نظر ريفيرا للعالم الخارجي وعاد الى الوراء عبر التاريخ، سبرت فريدا العالم الداخلي، واستخدمت فنها لتبحث من خلاله ماذا يعني أن تكون ذا شخصية مميزة، وأن تكون امرأة، وفي حالتها أن تكون امرأة تعاني من قائمة مدمرة من إصابات لحقت بها أثناء مراهقتها بسبب حادث سير وسببت لها آلاما رافقتها طيلة حياتها. وقد عاملها النقاد والصحافة بنوع من التعالي. ففي عام 1931  ورد تعليق نموذجي عن احد أعمالها يقول: (تستطيع السيدة ريفيرا عمل لوحات مقبولة  وقد قامت فعلا بذلك).‏

ولكن الزمن حمل معه الكثير من التغيرات إذ طغت شهرة خالوتماما على ريفيرا، وهوما أذهل الاثنين  والسبب أنها استفادت من قابلية انتقال  أعمالها من بلد لآخر بينما اقتصر نطاق أعظم جداريات زوجها  على المكسيك.‏

واليوم تعرض أعمال الزوجين جنبا إلى جنب في صالة Pallant House   في  Chichesterter  في انكلترا وسيستمر المعرض حتى تشرين الأول، ولكن هل من معنى من عرض الفنانين معا؟ الفنانة  الأميركية جودي شيكاغو، التي  ألفت كتاب بعنوان: (فريدا خالو: وجها لوجه)، ترى أن لا معنى لهذا المعرض، ويغضبها الاستمرار بالنظر إلى فريدا عبر موشور زوجها، ما يعني أن أعمالها سترى وللأبد كرد فعل.‏

ظهرت خالوفي أشهر أعمال شيكاغو: حفلة عشاء (1979) وهي عبارة عن مائدة مثلثة كبيرة نصبت لأجل وليمة منمقة وكل مكان خصص لامرأة تعتقد شيكاغوأن لها مساهمة ثقافية ولم تنل ما يكفي من التقدير  مثل اليزابيث الأولى، اميلي ديكينسون، فيرجينا وولف ومن بين النساء كانت فريدا خالو ولكن لم يكن لها مكان على الطاولة وتشرح شيكاغوالأمر قائلة: (هناك نساء جسدن  عن طريق آجرات وضعت تحت الطاولة وخالوواحدة منهن).‏

ولكن بكل المقاييس من الصعوبة القول بأن فريدا قد أغفلت من قبل التاريخ. فأعمالها كانت في معارض عبر العالم، وجرى احتفال ضخم بعيد ميلادها المائة في المكسيك وواحد آخر في برلين.وهذا أمر لا تنفيه شيكاغوولكنها تبقى مصرة على أن أعمالها لم تقم بمعزل عن أعمال زوجها ريفيرا وتعلق: (القضية الكبرى هي أننا بحاجة أن نسرد التاريخ بشكل يسمح للمرأة بأن تكون في المركز عوضا عن المحيط. هل سنستمر بالنظر إليها بالقياس للذكور العمالقة أي  كحالات  استثنائية؟).‏

تعترف شيكاغوبأنها عندما قررت الكتابة عن فريدا خالوشعرت بأن هناك بعض الأشياء المشتركة بينها وبين زوجها، أي إنها لم  تستبعد دييغوريفيرا منذ البداية. ولكن مع استمرارها بدراسة لوحات فريدا وكتاباتها بدأت برؤية أشياء لا تعتقد بأن أحدا رآها من قبل.مثل الطريقة التي ترسم فيها الحيوانات.‏

وتقول شيكاغو: (هناك افتراضات  بأن خالوقد رسمت نفسها مع الحيوانات  عند وجود خلافات  مع ريفيرا. ولكن كيف نعرف ذلك؟ لماذا لا نحاول النظر إلى ما كانت تحاول قوله حول العلاقة بين الكائنات البشرية وبقية الكائنات؟ وهذا أمر نادرا ما يحدث مع الفنانين الذكور، فتخيل بأن مؤرخا تاريخيا يقول بأن جاكسون بولوك كان يرمي الألوان على اللوحة عند وقوع خلاف بينه وبين زوجته لي كرانسير).‏

ولكن فريدا بالتأكيد شجعت على هذا التأويل الذي يضع ريفيرا في المركز، فعند زيارة  البيت الأزرق الذي كان يعيش فيه الزوجان في  المكسيك قد تشعر بالغثيان من العبارات المتملقة التي كتبت على الجدران مثل تلك التي تقول: (دييغو هو كل شيء...طفلي، حبيبي وعالمي).‏

غير أن  شيكاغو تؤكد بأن هذا غير صحيح تقول: (لوقرأت يوميات خالوستكتشف وجود  عشاق آخرين. والأكثر من ذلك هوحقيقة  أنه بالنسبة  لامرأة عاشت  في العشرينات من القرن الماضي يوفر الزواج من فنان مشهور مفتاحا لباب النجاح، فالوسيلة الوحيدة لتحقيق انجاز عظيم في ذاك الوقت عبر الزواج من فنان، فما كانت النساء قادرات على الحصول على تدريب ملائم، وماكان يسمح لهن أن يكن جزءا من الحركة الفنية.والطريقة الوحيدة لدخول المرأة للفن من خلال الرجل. كانت علاقة فريدا بريفيرا حتى الموت. ووجدت الكثير من الأمور الأخرى الغنية التي كان من الممكن الحديث عنها مثل رسمها للحيوانات أواستخدامها للدمى. ولا قلة من تحدثوا عن حقيقة أن أعمالها تطرقت لمجالات جديدة مثل المرض والاجهاض والعنف ضد المرأة.وعند النظر الى فنها مرتبطا مع ريفيرا أكثر من ارتباطه مع ذاتها فانها تحجز في مكان أقل تحد مما كان ممكن أن تكون عليه).‏

وفي المقابل يدافع ستيفن فان راي، مدير Pallant House، عن قراره بعرض أعمال الفنانين جنبا إلى جنب قائلا: (من الصعوبة بمكان  النظر إلى أعمالها  دون الإشارة إلى ريفيرا، لأنهما كانا رفيقين قريبين جدا، واتحدا في أفكار معينة.وفي الواقع فريدا هي من أقحم حرفيا ريفيرا في لوحاتها مرات كثيرة. فلدينا رسمة بريشتها تظهرها ووجه زوجها على جبينها، ورسمة تحتضن فيها ريفيرا وكأنه طفلها. فكيف يمكنك تفسير هذه الرسمات إن لم تشر الى ريفيرا؟).‏

والحقيقة أن الاثنين كانا مادة لروايات كثيرة. ولكن بعد أكثر من خمسين سنة على موتهما تقزمت رؤية ريفيرا لتاريخ المكسيك أمام مواضيع خالوالأكثر شمولية.فالعالم قد تغير ولكن شؤون القلب التي تطرقت إليها خالومثل الألم والوحدة والعائلة لاتزال باقية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية