تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النفاق

آراء
الخميس 13-10-2011
الشيخ حسن حيدر الحكيم

هذا الرجل الذي عرفته منذ عشرين سنة عندما كان والده يشتكي لي عليه أن هذا الولد مد يده يوماً فضرب أباه وضرب أمه التي خربته بدلالها لأنه الوحيد على خمس بنات، نعم ضرب أباه وأمه لينتزع منهما المال ويذهب إلى الملعب مع رفاقه

ويحضر مباراة كرة القدم منذ عشرين سنة.. وعرفته بعدها بخمس سنوات وقد تعين في أرشيف إحدى الدوائر الحكومية وقد فرض على كل مراجع مبلغاً مرقوماً ليحضر له الإضبارة كرشوة ومبلغاً مجقوماً على كل ورقة يدخل فيختمها من المدير ويتقاضى ثمن الطابع الذي يلصقه على الإضبارة قبل التصديق أربعة أضعاف ثمنه حتى صار لقبه بين أقرانه (الشاروق) وقد حلف لي يوماً وأنا أعاتبه لأنه ترك أمه جائعة ورمى بكل ما في جيبه على فنانة في مقصف من مقاصف الفساد نعم حلف لي أنه يحصل في اليوم أكثر من راتب شهر وعرفته منذ سنتين وقد حضر إلى أحد المتنفذين ومعه كيس فيه خمسة ملايين ليرة وقال له هذه خمسة ملايين وعين لي هذا الولد (ويقصد ابنه) خفيراً في الجمارك فقلت له يا رجل بخمسة ملايين تصنع من ولدك طبيباً في أي جامعة خاصة وشتان بين الطبيب والخفير في الميزان الاجتماعي فكان جوابه أن الخفير يقبض من المال في اليوم أكثر مما يقبضه الطبيب في شهر.‏

عرفته فاسداً مرتشياً استبدل عبارة أنه مرتشٍ لص بعبارة أنه مستفيد ويفيد الناس مقابل المال الذي استفاد به من عمله الحكومي؟!!‏

لكن العجب والغرابة بلغتا في نفسي حداً لم أتخيله أو أتوقعه عندما رأيته في الجمعة الفائتة متظاهراً قد بح صوته من الهتاف!! ... سألته كيف ومتى ولماذا؟!.. فأرخى حنجرته وتنحنح وراح يشرح لي بكل ثقة عن الأهداف العظيمة وعن ضرورة إيجاد الحد بين الحلال والحرام؟! وبين الجائز والممنوع ثم شن هجوماً على النظام وأسهب في ضرورة محاربة الفساد؟!! ثم برر لي الخراب والقتل والتفجيرات التي يقوم بها مع المتظاهرين بفلسفة جديدة عنوانها- إذا ما كبرت ما بتصغر !!- تحت بصري كان هذا الرجل يسرق ويأكل الحرام ويضر بمصالح الناس فقلت له كم هو سهل عليك تبديل جلدك فقد خربت البلد مرة بفسادك وفلسفة الاستفادة التي اخترعتها وتسعى الآن تحت عنوان التظاهر لقتل الآمنين وإحراق المباني الحكومية وتفجير أنابيب النفط وتخريب سكك الحديد لإصلاح البلد من الفساد؟!‏

لم أكن أعلم أنني عندما تعرفت عليه منذ عشرين سنة أنني سأتعرف بعد كل هذه السنين على النفاق والتزوير والانتهازية وتساءلت هل ستقع بلادي الحبيبة فريسة بين يدي هؤلاء الذين يتقنون القفز من جهة إلى جهة ومن ضفة إلى ضفة وهم في كل ضفة يقفون عليها أو جهة يتوجهون إليها يمارسون خرابهم لهذا البلد العظيم يمارسون إضرارهم بمصالح الناس ومع ذلك لا يكفون عن إسماعنا لهجتهم الرنانة المطالبة بالصلاح والتي يحشدون لها ما سمعوه ولم يعوه من تعاليم سمحة وشريعة غراء.. فكيف يندمل جرحنا وكأن هذه النماذج قد هان عليها جرح قلوبنا وتدمير أحلامنا بوطنٍ كبير يتسع للجميع وتسوده العدالة والأمن والسكينة ويبقى هدفه النصر على الغزاة الذين أتوا من خلف البحار فاحتلوا الأرض وشردوا الأهل وقتلوا الأطفال كيف يندمل جرحنا وهذه النماذج تقف إما في موقف الفساد فتسيء للدولة وللمواطن وإما في موقف التخريب والترويع والترهيب فتسيء للإصلاح المنشود وتسيء للدولة والمواطن..‏

كيف يندمل جرحنا إذا لم ننطلق وبروحٍ وطنية إلى البيوتات العريقة والعائلات الوطنية في وطننا الغالي وهم كثر كي يوقفوا معنا هذا النفاق.. ألم يئن الأوان لهذه العائلات العريقة والبيوتات الوطنية أن تتحرك لتخمد نار الفساد من جهة وتشير إلى الفاسدين بأصابعها العشر من جهة أخرى... ألم يئن الأوان أن تنهض هذه البيوتات العريقة والعائلات الوطنية لتطفئ لهيب الخراب والدمار من جهة وتمنع ترويع الآمنين من جهةٍ أخرى.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية